أ.د.عثمان بن صالح العامر
بعيداً عن الدخول في النوايا، ودون الخوض في التوقيت، يسجل للشيخ (الصحوي) عايض القرني في لقائه مع عبد الله المديفر ببرنامج (الليوان) الذي بثته روتانا خليجية مساء الاثنين الماضي - أول أيام شهر رمضان المبارك - يسجل له انتصاره على نفسه، وشجاعته في الاعتراف بما جناه ما يسمون تجاوزاً - في نظري - بالصحويين - وهو أحد أعمدتهم كما هو معلوم - على المجتمع السعودي جراء خطابهم الديني/ السياسي، القائم أساساً على اعتقاد الوصاية المزعومة لهؤلاء الصحويين على المجتمع، بل على صناع القرار ومتخذيه، فضلاً عن توجيههم التنمية المجتمعية كما هي مخططاتهم ومشاريعهم الموعودة لا كما ينبغي أن يكون حسب متطلبات المرحلة وبناء على الاحتياجات الحقيقية لإنسان الوطن.
كما يسجل له -في ذات الوقت- تأكيده على دور نظام الحمدين القطري في استمالة ودعم ومؤازرة وتبني منظري ومفكري هذا الفكر الذي جر المنطقة بأسرها إلى مستنقع آسن لا يخفى.
ومع أهمية هذا الاعتراف وما تبعه من اعتذار ووعد بأن يسخر قلمه ووقته وجهده في ترسيخ منهج الوسطية الإسلامية الصحيح الذي هو نهج هذه البلاد منذ زمن التأسيس على يد جلالة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود رحمه الله وحتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز حفظه الله، والذي دعا له وأكد عليه ووعد بتحققه صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد الأمين، أقول مع أهمية ذلك إلا أن الأهم في نظري على مستوى الفكر الصحوي أن يتبع ما باح به الشيخ القرني ويتلوه اعترافات آخرين من منظري هذا الفكر وفقهائه واعتذارهم عن ما قالوه أو كتبوه أو فعلوه أو اقترفوه في حق الدين والوطن قيادة وعلماء وشعباً، وكان له تأثيره في حياة المجتمع وسلوكيات أفراده، فنحن في عهد يعرف الجميع بأنه عهد لا مساومة فيه على العقيدة، والوطن، والإنسان مهما كان الثمن، وهذا بالطبع يوجب المراجعة والمصارحة والمكاشفة والوضوح - الشخصية والجماعية - حتى يتسنى تصحيح المسار، وضمان السلامة من الاختطاف الفردي والجماعي لمنجزات الوطن وإنسانه مرة أخرى. إضافة إلى ما سبق فإن على هؤلاء وأمثالهم ممن كان لهم تواصل مع نظام الحمدين وحكومة قطر أو غيرها من الحكومات والأحزاب والجماعات والمذاهب المعادية لهذه البلاد المباركة ومنهجها الوسطي السلفي الصحيح أن يُعروا تلك الأنظمة والمناهج السياسية الفاسدة، ويكشفوا أوراق الماضي، ومخططات أعداء الوطن أرض الحرمين الشريفين المملكة العربية السعودية، وهذا أقل واجب من واجباتهم الوطنية فضلاً عن أنه مرتكز هام من مرتكزاتهم العقدية التي هي دين يدين به الواحد منا الله عز وجل، إذ أن كل مواطن سعودي في عنقه بيعة شرعية لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز ولولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز لا يجوز له شرعاً أن يخرقها أو يأتي بسلوك يعارضها أو يضر بها بأي وجه من الوجوه مهما كانت المبررات والمسببات المزعومة عنده، خاصة أن ولاة أمرنا فتحوا قلوبهم قبل أبوابهم لكل مواطن غيور وحريص على المصلحة العامة يريد النصح أو الاستيضاح والتبيان، وما (سياسية الباب المفتوح) إلا شاهد واضح، وبرهان بين، يؤكد على ما تتمتع به مملكتنا العظيمة من قرب القيادة للشعب.
إن من نعم الله علينا في هذه البلاد أننا نعيش في كنف قيادة نحبها وتحبنا، نرفل في وطن ترفرف عليه راية الأمن والأمان والسلامة والإسلام، فلنبقى كلنا كما كنّا صفاً متراصاً، ولبنات متماسكة، ويداً واحدة في مواجهة المحن والتحديات والمخططات التي تريد بِنَا شرا وفتنة، لنقف خلف قيادتنا في وجه كل من أراد ببلدنا وأمننا وقادتنا وأهلنا ومن في حمانا من ذمي ومستأمن بسوء كائنا من كان. حفظ الله قادتنا، وحمى بلادنا، ونصر جندنا، وأذل أعداءنا، وأدام عزّنا، ورزقنا شكر نِعَمه، وأبقى لحمتنا ووحدتنا والتفافنا حول أمرائنا وعلمائنا، ووقانا جميعاً شر من به شر، ودمت عزيزاً يا وطني، وإلى لقاء والسلام..