د. ابراهيم بن عبدالرحمن التركي
** بعد غياب عشرين عامًا -منذ آخر نشرة ودّع بها إذاعة الرياض إثر تعاونه معها بين عامي 1985-2000م- حلّ ضيفًا لتسجيل حوار رمضاني، وعلى الرغم من أنه قد أجرى حوارات أخرى اختار لها التواصل الهاتفي حينًا والإذاعة الخارجية حينًا فقد شاء هذه المرة استعادة أجواء «الاستوديوهات» ورؤية من بقي من أصدقاء المرحلة، وكان مساءً جميلًا ازدان بتغييرات شكلية وموضوعية لعل أهمّها: أناقة مدخلها، ووقوفه على «مكتبة التسجيلات» التي صارت «مؤتمتةً» بصورة تيسر الوصول إلى موادها، ومفاجأته بوجود أكثر من مئتين وخمسين تسجيلًا بصوته لبرامج شارك فيها، وإهداؤه شريطًا منتخبًا منها؛ فللصديق المخرج عبدالله آل سليمان والمذيع سلطان الحارثي والمهندس إبراهيم خميس أبلغ الامتنان.
** في ممرات المبنى كلّ ما يبهج، وعلى أثيره بعض ما يزعج؛ فالسباق على برامج «الهواء» جعلت كثيرًا مما يقدم فيها «ملء فراغ» تسوده نقاشاتٌ نمطيةٌ بين المذيعين ومع المستمعين تصيب من يطمح إلى التجديد بالسأم فيدير المؤشر عنها، وإذ كنا نشكو قلة برامج البث المباشر فالشكوى اليوم من كثرتها متزامنةً مع تحييد المتميزين من الكفاءات «المتعاونة»، وفيهم نجومٌ في اللغة والصوت والأداء والثقافة، ولو لم يستغن عنهم بصورة «جمعية» لربما صار للإذاعة حضور أفضل (والحديث هنا -منعًا لأي تأويل- لا يمسّ صاحبكم فقد خرج برغبته في توقيت ارتضاه، وعرضت عليه العودة «معدًا أو مقدمًا» فاعتذر كافيًا ومكتفيًا).
** لاشك أن ثمة مواصفات رئيسةً لازمة لتحديد من يستحق وسم «مذيع»، وإذاعة الرياض بحاجة إلى مراجعة تأهيل إذاعييها فيها، وإعادة الاستعانة ببعض المتعاونين النابهين الجدد والأقدمين، كما أن التدريب النوعي والمتابعة المهنية كفيلة بتعديل الوضع قليلًا، وسيزهو المنجز حين تهيئ الإذاعة برامجها لمن يودّ سماع أرشيفها، ولو باشتراك رمزي، وفي أجزاء منه ما يستحقّ الاحتفاء بل والاحتذاء، مع ضرورة التجديد في مواجز ونشرات الأخبار شكلًا ومحتوى، وإنشاء رابطة للإذاعيين أو دمجها مع هيئة الصحفيين وتفعيلهما، والتواصل مع النخب المثقفة للإفادة من خبراتهم ومعارفهم، وإعادة مجلة الإذاعة «إلكترونيًا»، والعناية بالمقتدرين الذين يضيئون الأثير «حاليًا» بعطاءاتهم.
** من حسن حظ صاحبكم أن رأى الكبار خلف «الميكروفون» فعرفهم وتعلم منهم، ولا يزال ممتنًا لخمس عشرة سنة قضاها برفقتهم، ويتمنى أن يجد جيل الإذاعيين الجدد أمثالهم لنقرأ عبر آذاننا -وفق تعبير شيخنا محمد حسين زيدان 1914-1992م- ما يثري ويؤثر.
** يظن بعضنا أن زمن الإذاعة ولّى، وهو أمر متوقع لكثرة الوسائط المنافسة، ولو سلّمنا بقلة مستمعي المنازل فإن حركة السيارات تضاعفت فكثرت الإذاعات الرقمية وزاد متابعوها، وباتت تتنافس لاجتذاب المستمعين، والمتوقع ربط أجهزة السيارات بمحطات الإذاعات العالمية ليبث الفضاء للأرض أصوات الدنيا لا يحول دونها ساحةٌ أو مساحة؛ فما موقعنا وما إيقاعنا؟!
** الصوت صيت.