نوف بنت عبدالله الحسين
كانت الدهشة شعورًا يدغدغ وجداننا كلما اكتشفنا شيئًا جديدًا في الحياة، كدهشتنا حين نفرح بلبس جديد، أو لعبة جديدة، أو مشوار جديد، أو طعام جديد، أو رحلة جديدة.
كانت لحظات الترقب لها لذة حين تدهشنا اللحظة التي نترقبها، كحضور الجدة من الحج وهي محمَّلة بالهدايا للأبناء والأحفاد، كبزوغ الهلال الجديد وانتظار الجميع بشارة الشهر الفضيل، كترقب نوع الجنين القادم، والمفاجأة الأجمل حين ميلاده، كموعد مع رسوم متحركة، والانتظار أمام الشاشة لموعد بدء البث.
رغم جماليات التقنية وروعة التكنولوجيا إلا أنها أفقدتنا دهشة الأشياء؛ فلم يعد شيء يدهشنا كما كان في السابق.. لم يعد للانتظار مجال حين تخبرك التقنية بنوع المولود، وتأكيد الشهر الفضيل قبل حلوله بأسبوع، وتوقعات ما الذي سيحدث قبل عام من الآن؛ فبهتت الدهشة، وأصبحت تجاربنا معروفة النتيجة قبل أن تبدأ. نذهب للمطاعم وقد تكونت في أذهاننا صورة ذهنية من صور متكررة على مواقع التواصل، وربما يكون أقل من توقعاتنا، ولا نشعر بروعة المكان أو الطعام أو حتى اللحظة.. تكبر توقعاتنا فتختفي الدهشة، ولا يصبح الشيء كما نرغب أو نظن..
أظننا نحتاج إلى أن نعيد شعور الدهشة من خلال العودة إلى بساطة الأمور، لا غرابتها.. أن نبحث قليلاً عن الماضي، وكيف كانت الأشياء ذات نكهة مختلفة.. أن نحاول بث الروح في الجمادات حولنا، واللذة في طعامنا، والاستمتاع باللحظات..
ربما نحتاج إلى أن نتواضع قليلاً في توقعاتنا، وأن نستشعر حقًّا جماليات اللحظة أكثر من جماليات أخرى..
ربما نحتاج إلى أن نصنع لحظات مدهشة بأبسط الأمور، ترتاح لها النفس، وتبتهج لها الروح.. وقد نحتاج إلى أن نجرّب شعور الطفولة حين تدهشهم أبسط الأشياء، وأن نعود إلى تجارب متعددة ومختلفة، ونقوم بالأشياء التي تفرحنا.
دعونا نعيد الدهشة من جديد في حياتنا، وأن نعود مرة أخرى مدهشين في أفكارنا وردات أفعالنا، تلك الدهشة الإيجابية التي كانت تصنع الفارق في أيامنا ولحظاتنا تستحق أن نحييها من جديد، ونستحق أن نستمتع بالأشياء من حولنا، وقد امتلأنا دهشة وفرحًا واستمتاعًا..
عودوا للدهشة، واستمتعوا باللحظة، وكونوا مدهشين..