هو قصيدة عشق لا تنتهي..
وحدائق فرح ممتد..
وشلالات عطر باذخ..
أما طعمة فمزيج من فاخر السكري المعتق الذي تبلورت فيه حبات جمال لا يقاوم..
هذا بعض السكري، لأن معظمه عصي.. أما كله فمستحيل!!
من هناك من الحارة الشعبية، المغرقة في شعبيتها من (الصقعا) في جنوب بريدة القديمة كانت الانطلاقة، كان العشق الذي يترعرع، والزمن كفرسي رهان.. لا، بل كان للعشق قصب السبق دائمًا..
كان عشقه يتجدد مع خبز الأمهات، ومع تمرة الشقرا، ومع صرام النخيل..
(للسكري) طعم آخر لم يتذوقه أحد كما تذوقه الفلاح ــ وجل أهل الدار فلاحون ــ الذي حرث الأرض وتابع الغرس وعايش الآفات التي اعترته.. فلما استوى على سوقه، كان هو على الموعد المنتظر..
ذلكم هو السكري يا سادة..
أما عشق التعاون في محيطه فحالة خاصة..
لم يقتصر ذلك العشق على صغار المحبين، أو يافعيهم، بل هو عشق متغلغل اقتحم وقار الكبير، فلا يستطيع مداراة عشقه، ثم لا يلبث أن يبوح ـ ما أعذب بوح العاشق المتيم ـ وحالة البوح تلك لا تشبه غيرها، ليتك عزيزي القارئ تتذوق شيئا منها.
عندما يتلمس ذاك المحب مواضع كلماته لكيلا يجرح ولا يحرج!! لتأتي المشاعر المعتقة الصادقة هادرة لا تحتاج إلى دليل، لأن زخمها سيغمر المكان ويفعم الجو!!
التعاون كل لا يتجزأ، وحلقات لا تنفصل، لذا فإن الحديث عنه حديث عن الكل، من قادة التأسيس إلى قادة النادي هذا اليوم، الذين يمثلون مرحلة رئيسة كسابقيهم ومن سيأتي بعدهم.
مسيرة نادي التعاون نحو المجد، مسيرة عصامي نحت الصخر وانتعل الرمضاء وبات طاويًا والتحف السماء، راضيًا.. مؤمنًا بمَثلِ كان يردده عليه أجداده (من زندك وإلا مت) لقد كانت مراحل الإخفاقات والتحديات والعقبات التي مر بها التعاون عبر تاريخه أدوات ردم تحتية يقف عليها ليرتفع، ودروس حياة يصنع منها أكسير النجاح.
لم يقف التعاونيون يومًا عند مظلمة أفقدتهم تحقيق إنجاز، أو حق لهم سلب لغيرهم، أو إحباط أريد لعزيمتهم، ولم ينتظروا (حتى يفحط النقل الجماعي قبل تحقيق إنجازهم، أو يحقق النادي الأدبي بطولة قبل تحقيقهم إياها).
كان إيمانهم أن الحياة ميدان معركة وسوف ينتصر فيها الأفضل.
(الأشياء الثمينة تكره الصدف!!)
عمل التعاونيون وعملوا ليكونوا هم الأفضل..
وأي شيء أفضل وأسمى وأندى من كف سلمان بن عبد العزيز؟؟
في تلك الليلة،هل صافح التعاونيون المجد أم صافحوا كف سلمان؟؟ لا فرق..
فقط اختلف الاسم واتفق المسمى!!
ليلة كان البدر فيها ملك ينير ليل الوطن، فرُحنا نردد مع المتنبي:
رؤياك أحلى في العيون من الغمض
مضى الليل والفضل الذي لك لا يمضي
جاء اليوم الأجمل، ليصافح التعاونيون المجد، بل مجد المجد بكل جدارة، وبكل كفاءة، لأنهم يستحقونه ويستحقهم.
جاء اليوم الذي انتظره التعاونيون بفارغ الصبر، فهل جاء هذا اليوم مصادفة؟ (وهذا يحدث أحيانًا للذين يعيشون بانتظار رحمة الصدف) لم يأت ذلك اليوم مصادفة أو بقراءة كف أو ضرب ودع!!
لا، لا ذلك اليوم الباذخ وليلة العرس المجيدة تلك لم تأت التعاونيون، بل هم الذين أتوها، هم الذين ضربوا الموعد معها بإرادتهم، نعم بإرادة وإدارة التعاونيين أنفسهم!!
قبل خمس سنوات بالتحديد قال أحد (عرابي) هذه الليلة وأحد مهندسيها في جلسة تخطيط خاصة، إننا سنعمل للحصول على بطولة على مستوى الوطن بعد خمس سنوات!!
الكلمات الحالمة لغة تدغدغ المشاعر، وتحدث نشوتها المؤقتة.
لم يكن التعاونيون يجيدون تلك اللغة، ولم يَسقوا محبي النادي كؤوس الوهم في يوم ما، لقد توجت هذه الكلمات ببرنامج عمل ممنهج، وخطط إنجاز يحتاج في المقام الأول (رجالاً) لا يتسمون بالإخلاص والنزاهة وحدهما، بل مضاف إليهما الكفاية الإدارية المؤمنة بالإنجاز. فكانت الإدارة بكافة أفرادها، بصفوفهم المختلفة (الأمامية والمساندة) على أهبة الاستعداد.
يقف بالمحاذاة معهم مجلسان، تنفيذي، وشرفي ليباركوا كل خطة وخطوة تقوم بها الإدارة في منهج إداري حديث وفاعل.
ليلة بريدة بل القصيم بل المملكة ـ حيث لا خصوم ـ في هذا المساء الملكي الفاخر شبيهة بليلة أبي العلاء المعري، غير أنها عروس من المجد عليها قلائد من جمان، حمَلَنا فيها السكري ـ كما قال نزار ـ في مساء وردي الشرفات.
سيظل التعاون بستان فرح.. وحقول سكري يضفي نكهته المميزة على كرة القدم السعودية.
وسيظل التعاون برجاله وجماهيره علامة فرح لمحبيه وعنوان متعة لمتابعيه.
وسيسطر المجدُ في سجله هذا الإنجاز، الذي يمثل مرحلة مفصلية في سيرة ومسيرة نادي التعاون السعودي ببريدة من الصقعا إلى مجد كف سلمان بن عبد العزيز.
شكرًا، لا تفي بحق كل من أسهم في بناء هذا الفريق عبر مسيرته الممتدة!!
وإلى لقاء في إنجاز منتظر يعطر به السكري أجواء الرياضة السعودية من جديد.
** **
سالم بن محمد العُمري - بريدة