د. خيرية السقاف
الدقة في المواعيد من المبادئ الرئيسة في رمضان قد لا يتنبه إليها غِرٌ لم تكتمل مداركه ما لم ينبَّه بها، ولا يلتفت إليها عاقل لا يبالي..
يقف المرء عن تناول الطعام، والشراب حين يتبين له الخيط الأبيض، من الخيط الأسود من الفجر..
لله ما أحدَّ هذا الخيط، وأقومه، وما أجلاه وأبينه..
ليبدأ المرء بصوم جوارحه، ورغائبه، ولسانه، ويده،
حتى كف الأذى تصوم، والنظرة الفارطة تصوم، والصوت المارق يصوم، وعنوة النفس تُكبح..
صومٌ كلي لا جزئي، من هامة الرأس، لذؤابة المعدة، لخفقة الشعور!!..
وما أن تغيب الشمس يحل المعقود من الشهوات، ويكون السماح للمباحات..
«وفي العبارة الشريفة من حديث المرسل الأمين، البشير النذير عليه الصلاة والسلام:
«لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر» حكمة بالغة، مفصلة، ومكتملة بين خطي بياض الجواز، وسواد المنع، حين يكون البياض شارة فسح، والسواد حاجز منع..
فما الخير في التعجيل بالفطر، كما الخير في التوقف بالمنع، إن لم يكن الخير في الامتثال؟
يمتثل المرء بالامتناع عما يحب، ويمتثل بالتمتع بما يحب،
وكلاهما مقنن الوقت لا ثانية تسبق، ولا أخرى تمرق؟!..
لله درك يا رمضان،
تعلمنا الانضباط حتى في ثانية من الوقت، حين يكون علينا الامتثال بالوقوف، والامتثال للبدء..
بين فم يأكل، وفم يغلق!..
بين رغائب فطرية تُقيَّد، وفطرة منسابة تُهذَّب!!..
بين ما يُدرك كله من أبعادك، وما يدرك بعضه من عطاءاتك،
بين عمل، وأمل،
وبين انتظار، وشغف..