إبراهيم بن جلال فضلون
كن بين ما يقارب 58.320.000/ ثانية أي 720/ ساعة كريمة لشهرنا المُبارك، يستغلها كل مُسلم لجعل يومه الرمضاني يومًا مُستغلًا بكل أطرافه، فقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - أجود بالخير من الريح المرسلة، وكان أجودُ ما يكون في رمضان. رواه البخاري عن ابن عباس - رضي الله عنهما -، فرمضان حدث عظيم يمرُّ بالأرض.. فيُغيّر نواميس الكون بإذن ربها، إلى نقاء وهدوء وسماحة في موسم صفاء روحي، وإشراق قلبي، ونور إلهي، به يَقْوى الناس بالتراحمُ والتعاطف، والتواصل والتآخي والتآزر.
لنلتقط الأنفاس من سباق الحياة في هدنة نقضيها مع الله - عز وجل -، حول مأدبة ربانية فيها الكثير من شتى الصنوف، التي لم نرها من قبلُ، أعظمها فتح أبواب الجنة طوال الشهر الكريم، وتصفيد الشياطين، فكُن أو لا تكن فيه، متأسيًا بنبينا في اثنتي عشرة خصلة، علينا التحلي بها، بداية من إخلاص النية، والعزيمة على الاجتهاد، فالقراءة للقرآن وأحكامه وآدابه، والصلاة بالمسجد (27 درجة × 5 صلوات = 135 درجة يومياً)، وخامستها بناء بيت في الجنة، فعن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : «من صلى اثنتي عشرة ركعة في يوم وليلة بُني له بهن بيت في الجنة»، صحيح مسلم، ثم صم رمضان أكثر من مرة فمن «فطَّر صائما كان له مثل أجره، غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيئا»، الحج والعمرة يومياً بلا تعب فمن « صلى الصبح في جماعة ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس ثم صلى ركعتين كانت له كأجر حجة وعمرة، تامة تامة»، والصدقة ولو الشيء القليل لقوله - صلى الله عليه وسلم - : «اتقوا النار ولو بشق تمرة»، وصم رمضان أكثر من مرة فمن «فطَّر صائما كان له مثل أجره، غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيئا»، وعاشرتها زد في عمرك 83 عاما من الطاعات فإن هذا الشهر قد حضركم وفيه ليلة خير من ألف شهر من حُرمها فقد حرم الخير كله ولا يحرم خيرها إلا محروم»، ثم اربط صلات الرحم (عمر + مال + محبة)، الدعاء آخرها فلا تفرط فيه، فكُنْ ممَّن يدخل بابَ الرَّيَّان، وممَّن يُغْفَر له ما تقدَّم من ذنبه، وممَّن يُصلِّي الله والملائكة عليه، وممَّن صام الدَّهر على الطريقة الصحيحة، وممَّن يُضاعَف صيامه، وممَّن يعمل عملاً لا مِثْل له، وممَّن يفرح مرَّتَيْن لا مرَّة واحدة، وممَّن لا يظمأ أبدًا، وممَّن يَجعل له وقايةً منَ النَّار، وممَّن يتخلَّق بأخلاق النبوَّة، وممَّن يُظهِر الدِّين، وممَّن يأكل منَ الغداء المبارك، وممَّن يعمل عملاً لا يعلم جزاءه إلا الله، ولا يكن صيامك كصيام أهل الكتاب، ولا تكُنْ ممَّن يُحْرَم العتق من النار ويُحْرَم الدعوة المستجابة، ولا ممَّن يترك مكفِّرات الذُّنوب، ولا ممَّن يُبْعِده الله فيدخل النار، ولا ممَّن يُحْرَم الحج مع النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، ولا ممّن يُحْرَمِ البركة، ولا ممّن يعلَّق بعراقيبه، وتشقَّق أشداقُه.
وهكذا تتشوَّف نفوس الصحابة - رضوان الله عليهم - لهذا الشهر الكريم، فلقد مرَّت علينا شهور منه كثيرة؛ بل كثيرة جدًّا، ولكن كم شهرًا نذكر منها؟ وكم منها كان جميلًا تحتفظ له بأعذب الذكريات؟
مدَّ الرحمن في الآجال حتى أدركنا إياه، فننهل من ينابيعه الصافية؛ صيامًا لأيامه وقيامًا للياليه، وتعهُّدًا لكتابه وتوقيرًا لحرماته وأداءً للأمانات، فنكون في خواتمه من الفائزين بالمغفرة والرحمة والعتق من النيران، وشهادة التقوى المقصد الأسني لهذه العبادة {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة : 183].
وكل عام وملك الحزم والعزم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان وشعبنا السعودي وأمتينا الإسلامية والعربية بخير ويُمن وبركات، وحفظ الله الوطن وحماته، ومن قام على خدمة بيته الكريم، وأعاد حجيج بيته لأوطانهم سالمين فائزين.