يوسف المحيميد
من شهد هذا الشهر الفضيل في عدة مدن، ودول مختلفة، أو في مدينة واحدة ولكن خلال أزمان عديدة، سيدرك الفرق بين هذه المدن، وبين الأزمان المتباعدة، فعلى سبيل المثال، مكة الآن ليست مكة قبل ثلاثين عامًا، وقد كنت محظوظا مطلع الثمانينات أن صحبت والدي -يرحمه الله- إلى مكة خلال رمضان، وبقينا الشهر كاملا بجوار مستشفى جياد، حيث الليل الرمضاني في مكة القديمة مختلفا تماما عنها الآن، وعن أي مدينة أخرى في هذا العالم، مدينة روحانية وقداسة، صوت الإمامين عبدالله الخليفي، ومحمد السبيل، يملأ أودية مكة سكونًا وطمأنينة، الصبية في الحارات، اللهجة الحجازية الجميلة، الباعة في الطرقات، ماء السبيل، مؤجرو الألعاب اليدوية (الفريرة)، وغيرها من الأشياء التي لم تعد موجودة في الوقت الراهن.
أيضًا رمضان القرى في نجد، أو الجنوب، أو الشمال، مختلف عن المدن الكبرى، حتى القراءات في المساجد تختلف، فمثلاً التلاوة في نجد تختلف عن الحجاز، فضلاً عن تفاصيل الحياة والاحتفال بقدوم رمضان. هذا التنوع المهم يمنح رمضان بعدا آخر، كمناسبة دينية، واجتماعية أيضًا.
إن رمضان فرصة عظيمة لأنشطة اجتماعية تحمل في داخلها جانباً دينياً، كسعي الناس إلى صلة أرحامهم، والتواصل مع أقاربهم وجيرانهم، وتبادل الزيارات، وفعل الخير والصدقات وغيرها.
الشهر مبارك على جميع القراء، جعله الله شهر خير وبركة وطاعة ورضا على الجميع.