فهد بن جليد
لو طُرح هذا الاستفتاء فأنا أتخيل أنَّ الإجابات ستكون صادمة، هناك علامات استفهام تحتاج إلى إيضاح من أجل إقناع المحسنين بأنَّ الجمعيات والمؤسسات الخيرية هي المكان الصحيح لإيصال حسناتهم وصدقاتهم وزكواتهم لمستحقيها خصوصاً في هذا الشهر الكريم، وليس إعطاء المتسولين مُباشرة، لا أعرف كيف يمكن كسب ثقة هؤلاء المُتصدِّقين وإقناعهم بأنَّ التبرع لهذه المؤسسات والجمعيات المُصرَّح لها أفضل بكثير من توزيع الصدقات والزكوات شخصياً وبشكل مباشر وعشوائي نتيجة استعطاف واستمالة قلوبهم من المتسولين عند المساجد والأسواق وإشارات المرور، لنتحدث بصراحة وشفافية هنا، ربما أنَّ الصورة الذهنية عند كثير من هؤلاء المُحسنين غير واضحة ومُشوَّشة، بسبب أنشطة وبرامج وإعلانات واحتفالات سابقة لهذه الجمعيات والمؤسسات، وهي من أسباب التخوف من التبرع لها لعدم وجود آلية أو تقرير يضمن بأنَّ هذه الأموال ذهبت لمُستحقيها بالفعل وليس لصرف العشوائي والباذخ أحياناً على تلك البرامج والمطبوعات والتقارير والأنشطة والإعلانات والمباني والسيارات والاحتفالات التي تنظمها وتقوم بها تلك الجمعيات، لذا دائماً ما أدعو القائمين على بعض الجمعيات والمؤسسات الخيرية لضرورة الفصل بين ما تقدمه من مُساعدات ومعونات للأسر والمُحتاجين والمعوزين بعد وصولها من المحسنين، وبين نشاطها وخططها الإعلامية والإدارية والبرامجية كمؤسسة قائمة، والتي يتم تقديمها كمعونات من مؤسسات أو جهات راعية وداعمة، فمثلاً إذا كانت التقارير الفاخرة أو الأفلام والمجلات طُبعت على نفقة أحد الداعمين أو الشركات يكتب ذلك ويوضح للشرائح المُستهدفة بأنَّه - دون مُقابل مالي- وكذلك المبنى إذا تبرع به شخص، ومثلها الأنشطة والسيارات، أو ما يصل من دعم حكومي .. إلخ.
أنا أتفهم تردُّد بعض المحسنين في المساهمة في نشاط مثل هذه المؤسسات والجمعيات، طالما أنَّ الصورة ضبابية فهو يُشاهدها تمتلك سيارات حديثة، ومكاتب فارهة، ورائحة البخور تعجُّ في كل مكان، والجمعية تُشارك في المعارض والمُناسبات، وقد يعمل فيها أشخاص بمرتبات ومكافأة عالية .. إلخ، ولا يعلم أنَّ مثل هذه البرامج والموجودات قد تصل كمعونات ودعم من وزارة العمل والتنمية الاجتماعية أو قد تكون بدعم ومُساهمة من جهة تجارية أو خيرية أخرى، وليست بالضرورة من أموال وتبرعات المُحسنين الأفراد ودعمهم الذي يصل للمُستحقين بالفعل.
الأمر - برأيي- يحتاج آلية مُحدَّدة وخطوات مُعتمدة لا تقبل الاجتهاد من أحد، يلتزم بها الجميع حتى تكون الصورة واضحة، فالدعم لهذه الجمعيات سيتضاعف حتماً ليكفي المُحتاجين الحقيقيين، بدلاً من عصابات التسول، فقط متى ما تم حسم التردُّد بإقناع المُحسنين من أهل الخير بأنَّ كل (ريال) يقدمونه يذهب لمُستحقه بالفعل، ولا يُصرف منه شيء على الجمعية وأنشطها وبرامجها والعاملين فيها.
وعلى دروب الخير نلتقي.