د. خيرية السقاف
من خصائص المناسبات الدينية أنها تُبهج النفوس،
في المجتمع الإسلامي ليلة البارحة كانت تواصلاً حميمًا للمباركة بحلول شهر الله الفضيل «رمضان»، لأن الله العظيم خص نفسه تعالى به بقوله: «كل عمل ابن آدم له، إلا الصوم فإنه لي، وأنا أجزي به»..
فما الجزاء حين يكون العمل لله وحده، لا إشراك في عمل الفرد هذا للنفس، ولا من يُخصُّ به إلا من خلق هذا الفرد، عمل لا يقوم به أحد عن أحد؟!..
وكم من القيم في هذه الحقيقة؟!،
وإذن كيف يكون لها السعي، وعليها الحرص، ومن أجلها التفرغ الكلي وجدانًا، وحسًا، وفكرًا، وعمل جوارح، وقلب؟!..
لله درُّك يا رمضان، حين غدوت جزءًا رئيسًا في القلب؟
من وهج عواطفه، ونهج خفقه، ووزن شغفه،
بتلك الألوان التي ترتهج في المحيا، وتبتهج بها الجوارح، والملامح،
حركة، وصوتًا، دموعًا، وابتسامًا،
ووصلاً بالأهل، بالقربى، بالجار، بالصحبة، بالعابر في طريق، بالقائم في مسجد،
بالنائم في عراء، بالمستظل شجرة،
لا فرق بين من يرتدي الحرير، ومن يرتدي الوبر،
ولا بين من يستظل الأسمنت ومن يستظل الصفيح،
ولا بين من يأكل بشوكة ذهب، ومن يأكل بأصابع كفه،
ولا بمن ينتعل جلودًا فاخرة، ومن يمشي حافيًا،
ولا بين من نعَّمته السُّرُر، ومن حمصته الشموس،
ولا بين من ثقل كاهله، ومن حُملت عنه أعباؤه..
لله درك رمضان،
تذكر بالمساواة العادلة، وتبعث قيم المفارقات الفارقة،
تحفز للركض في مضمار التنافس لبلوغ غاية الفوز برضاه تعالى،
بجائزته ختامك الباذخ فرحًا بالفوز، واستقرارًا للطمأنينة، واستلهامًا للنتيجة..
فكل رمضان وأنتم في المضمار..
إنه السبق الأجدى، والمسار الأصح
فمن ينال القربى، ويحصد ما عند الله بما هو لله؟!
اللهم وفقنا، وبلغنا..