عبد الرحمن بن محمد السدحان
* بات الإرهابُ، بـ(فنونه) و(جنونه) وغاياته، سمةً مميزة لهذه الحقبة الحرجة من تاريخ الإنسانية، ولم تعُدْ منابعُه قاصرةً على رقعة من الأرض دون أخرى، ولا على فئة من البشر دون سواها، بل بات (تقليدًا همجيًا) في أكثر من مكان وزمان ولأكثر من غاية!
* * *
* صحيح أن بعضَ (المنتسبين) إلى الإسلام اسمًا لا روحًا قد حجزُوا لأنفسهم (مقَاعدَ) في الصفوف الأولى ضمن قافلة الإرهاب، وراحوا يغلّفون مواقفَهم المريبةَ بأعذار صنعُوها لأنفسهم بأنفسهم!
* * *
* لكن الإسلام الذي نعرفه وندين به ونشرف بالانتماء إليه بريءٌ منهم وما يدّعُون، لأنه دينُ المحبة والتسامح والسلام، ولو لم يكنْ كذلك ما تسابق الآلافُ من مشارق الأرض ومغاربها لاعتناقه والانضواء تحت رايته!
* * *
* أمّا الإرهابُ.. فهو عمل غوغائي بامتياز، وهو مرفوض معنىً ومنهجًا وتطبيقًا، لأنه يخلط كلَّ الأوراق في أتون الهمجية الحارقة وعشوائية البطش، لينتهيَ به الأمرُ ومن يقفُ معه أو من خلفه بلا قضية ولا رسالة ولا هدف، ويئُولُ هو إلى رمادٍ تعثوه الرياح!
* * *
كلام في العمق
* سئلتُ مرةً عما يسمى (الأزمة الإسلامية)، وطرح السَّائلُ نماذج من ظواهر التخلف في المجتمع المسلم، فقلتُ ردًا على السؤال، الأزمة التي يتحدث الناس عنها هي شيءٌ من هذا، وشيءٌ من ذاك، وشيءٌ كثير بين هذا وذاك! نعم.. جزءٌ كبير منها يتَعلقُ بقصُور الوعْي الجماهيري نحو (منظومة العقيدة الإسلامية) في هذا العصر المتلاطِم بأمواج الفكر والفِتَن.. وبِدَعِ النفس والجسَد! بعض المسلمين لا يعلمُون ماذا يريدُون، ولا ماذا يُرادَ منهم أو لهم! وبعضُهم يُغرِقُ نفسَه بحثًا عن صِيَغٍ (توفيقيةٍ) بين الدِّين والدنيا، كيْلا يفرِّط بأيِّ من الاثنيْن أو بكليْهما، ثم ينتهي به البحثُ إلى صيغٍ (تلفيقيةٍ) لا هِيَ إلى الدِّين في شيء ولا إلى الدنيا في شَيء. والبعضُ الآخر ظلَّ السبيلَ.. فوَقَع ضَحيّةَ الإفْراطِ أو التَّفريطِ.. واتّبَع منْهَجًا أحاديًا: إمَّا الجمُودُ والرّفْضُ لكلِّ جديد.. باسم الالتزام، وإمّا الإنفلاتُ.. إنبهارًا بكلِّ جديد، باسم المعاصرة والتجديد!!
* * *
جزء من سيرة قلم
* لبداياتي مع الكلمة قصةٌ تَستحقُّ أن تُرْوى، ولكن نطاق هذا الحديث لا يأذن بذلك، وحسْبي هنا القولُ بأن عشقي للكتابة بدأ داخل (جدران) دفتر الإنشاء، بدْءًا من السنة الأولى الثانوية، ثم تسَلّل بي العْشقُ بعد ذلك في خفْرٍ وخوف معًا إلى صفحة داخلية بصحيفة (القصيم) قبل احتجابها في عشر الستينات الميلادية، لأبدأ من هناك (مراهقاتي) الأدبية، ثم انصرفتُ عن الكتابة فترةً طويلة بسبب ابتعاثي للدراسة في أمريكا، وبعد عودتي منها، استيقظَ في خاطري عشْقُ الحرف من جديد، وكنتُ أخشى أن الحرفَ سيُنكرني أو يهجرني بعد هجري الطويل له!
* * *
* كتبتُ أسبوعيًا ولفترةٍ طويلة في مجلة (اليمامة) بتحريض جميل من الصديق/ محمد الشدَّي، رئيس تحريرها آنذاك، ثم بمباركة لاحقة من الصديق الدكتور/ فهد العرابي الحارثي، مهندس (العصر الذهبي) لـ(اليمامة) المجلة، وذلك عبر زاوية (غصن زيتون)، ثم (تجَولتُّ) بين مَوانئ صحف أخرى، حتى استقرَّ بي (قاربُ) القلم في رصيف هذه (الجزيرة) الغراء منذ أكثر من عقديْن من الزمن مبحرًا بـ(رئتي الثالثة) بين شواطئها في ظل (عرّاب) الإبداع الصحفي، الصديق/ خالد المالك.