فوزية الشهري
قد يولد الإنسان كفيفًا أو ربما تؤدي أمراض العين إلى فقدان البصر، ويوجد حالات لفقدان البصر المفاجئ، ونعمة البصر لا يعرف قيمتها فعلياً إلا من فقد بصره، فهي مفتاح للتواصل مع الآخرين، وآلة للتمييز، ونافذة لرؤية جمال الكون، وسبيل لسهولة العيش دون الحاجة للآخرين.
كان لي شرف حضور تخرج الدفعة الـ (44) من المرحلة الثانوية في معهد النور بالرياض، والذي تأُسس عام 1384، وقدم المعهد الكثير للكفيفات على مر السنين، ومن النجاحات التي تسجل بأحرف من نور تأسيس أول مكتبة بلغة برايل عام (1435)، وكانت أول بذرة بعنوان (اترك أثراً)، وحصلت على جائزة التطوع الأولى بمنطقة الرياض. وتضم المكتبة 250 كتابًا بلغة برايل ويطمحون للوصول إلى أكبر مكتبة بالخليج العربي.
ظهر الحفل بتلاحم مجتمعي خيري تكاتفت الجهود جميعها لرسم السعادة على شفاههن، وأظهرت في الحفل الطالبات قدراتهن في الإلقاء والمستوى التعليمي المبهر. إكمال الدراسة الجامعية بالنسبة للكفيفة أمر لا يخلو من الصعوبة، ومن السبل المعينة بل الضرورية للكفيفات لمواصلة طموحهن التعليمي جهاز «برايل سينس».
إن اقتناء جهاز «برايل سينس» هو حلم كل مكفوف يعيش بيننا، ولكن تقف الظروف المادية حائلاً عند تحقيق الحلم الأكبر بالنسبة لهذه الفئة، حيث يتجاوز سعره 23 ألف ريال، رغم أنه يضيف الشيء الكثير لهم.
المفكرة الإلكترونية المعربة هو جهاز إلكتروني يجمع بين النطق الواضح وخلايا برايل الإلكترونية الـ18، ومزودة بمفاتيح إدخال بنظام «بيركنز» و»برايل سينس أونهاند» تقوم مقام القلم والكتاب والمصحف، وتساعد المكفوفين لتصفح شاشة الهاتف الذكي، والحاسوب الشخصي، ومزودة بنظام الخرائط الإلكترونية.. ويمكن للمكفوف من خلالها أن يتواصل مع العالم عبر مواقع التواصل الاجتماعي التي تجد إقبالاً من مستخدمي الإنترنت.
ومع قدوم رمضان وهو شهر الرحمات ويتسابق فيه المسلمون للبذل والعطاء، هل سيكون للكفيفات نصيب من ذلك؟
إن توفير مثل هذا الجهاز لهن هو بكل حق كأننا نهدي لهن النور ونمسك بأيديهن للسير في دروب العلم والتعليم، وهو أيضًا معين لهن للتواصل والعيش بسهولة أكثر. كم أتمنى أن توجه بعض الزكوات والصدقات لذلك، وكم سنكون مبدعين في العطاء لو أُقيمت مبادرة (اهدوهم النور) لحصر المكفوفين المحتاجين لهذا الجهاز ومحاولة توفيره.
إن الإبداع في إنفاق أموال الصدقة والزكاة تكمن في تلمس حاجة المحتاج وتوظيفها لذلك، كم يحزنني توجيه مسار العمل الخيري والإنفاق عليه على أشياء معينة ربما لم تعد ضرورية، وترك أمور هي أولى وأحق وأنفع بل ستحقق لبعض المحتاجين نقلة نوعية في حياته. نحتاج إلى البصيرة وترك الروتين، نحتاج أن نحسب أثر العمل الخيري ونفعه قبل أن نبدأ بعمله.
الزبدة:
(إذا أردت أن تعرف نعمة الله عليك، فاغمض عينيك).
الإمام علي بن أبي طالب (رضي الله عنه)