هالة الناصر
أيام قليلة تفصلنا عن شهر رمضان المبارك، أعاده الله علينا وعلى الأمة الإسلامية بالخير واليمن والبركات، فهو الشهر الذي ننتظره من العام إلى العام بشوق ومحبة وإيمان، رغبة في التقرب إلى الله والابتعاد عما لا يرضيه، والحق أقول، إنني دائمًا ما كنت أنظر إلى رمضان نظرة أكبر من كونه شهرًا للعبادة فقط، بل كنت أراه دومًا شهرًا للحياة برمتها، شهرًا يمكننا فيه أن نعيد ترتيب كل شيء وأن نبدأ صفحة جديدة تساعدنا على التغيير للأفضل، إنه بمثابة فترة تدريب واختبار على مواجهة كل الصعوبات التي نخوضها في حياتنا، ففيه مثلا نحاول الاجتهاد في العبادة وكلنا أمل على أن نستمر عليها وألا نبتعد عما حققناه من رصيد في الخير، ونتخذ منه مقياسًا، فنقول لأنفسنا: إذا ما استطعنا تحقيق التزامنا خلال الشهر الكريم؛ استطعنا الالتزام طوال العام، وهكذا أنظر له في كل مجالات حياتي، إن كنت مقصرًا في الدراسة أو العمل، أجده فرصة لبدء الالتزام والاجتهاد والتدريب على ذلك حتى أتمكن من تحقيق طموحي وهدفي العلمي، وإن كنت مقصرًا في صلة رحمي، أراه المناسبة الأفضل لإعادة تلك الصلات وتجديدها وإنعاشها وبناء عائلتي الكبيرة، وإن كنت أقوم بعادة مضرة بالصحة فلن أجد أفضل من شهر الصوم حتى أتحلى بالعزيمة اللازمة للإقلاع عنها واستعادة نشاطي وحيويتي. ومن هذا المنطلق، شهر رمضان الكريم هو فرصة سانحة لاتخاذ وقفة مع النفس، ومراجعة كل شيء مضى، والنظر في صفحة حياتنا وتقييمها، والبحث عما نحتاج تحقيقه وبصدق إلا أننا نتكاسل عنه، رمضان فرصة لمواجهة أنفسنا في المرآة ومصارحتها بأخطائها ونواقصها، فرصة لكي نعترف بالحقيقة وما يجب علينا فعله، فالاعتراف هو بداية التغيير الفعلي.
والتزامنا الديني في هذا الشهر هو مدخلنا إلى هذا التغيير، التغيير الأبدي الذي نحلم به في الدنيا والآخرة، لذا اجعل لنفسك جدولاً في رمضان، في كل يوم تتخذ خطوة جديدة على تطريق التغيير، فمهما كانت خطوتك صغيرة إلا أن مجرد الالتزام بها والثبات عليها سيعني الكثير لحياتك في المستقبل، وستأتي بعد سنوات لتكتشف أن رمضان كان بمثابة بوابتك إلى التغيير للأفضل.