مها محمد الشريف
لا يوجد في العالم اليوم نقطة انطلاق واحدة لعدم وجود أفكار تلقائية تنطلق نحو حقيقة بعينها، لذا ينبغي الأخذ في الاعتبار أن سياسات العالم لا تنفصل عن بعضها، ولها إستراتيجية يحددها النظام العام للقيم التي تحكم الوجود السياسي، والمسرح السياسي ليس مجرد مسمى وكلمات تعكس السياسة بل هو الذي يقدمها وينتجها وله قوة تأثير فكري وثقافي، لذلك قالوا: «إن السياسة فن الممكن ودراسة لتغيير الوقائع»، بمعنى أنه يعتمد على الحوادث والقوة والمصالح.
من هنا عرف العالم أن جميع المهمات ترتبط بحقبة الماضي وتاريخ الأطماع والاستعمار، وعطش تاريخي يخبر عن أطماع إيران والمد الفارسي، والدوافع السياسية التي تحفز على استمرار العلاقات الاستثمارية لهذا النشاط الإرهابي، ويعتمد على كيفية توزيع القوة والنفوذ والقرار لكي يسعى كل طرف إلى الانضمام للقائمة التي ينحاز إليها ويشتت أنظار المجتمع الدولي عن مخالفاته ذات الأثر الكبيرعلى الاستقرار والسلام المنشود وتحقيق مآرب يريدها ويسعى إليها.
لقد أتقنت إيران تنمية الخوف في دول العالم من الإرهاب، للتسويق لنفسها وتوريط المنطقة في حرب لا تنتهي، وعلى إثر هذا الخوف ازدهرت صناعة الأسلحة في عملية تكاملية تدور بين الشراء والديون حتى أصبحت أحد عوامل هذه السياسة لمعظم الدول، وعودة البغدادي في فيديو دعائي نشره التنظيم المتطرف عبر قنواته بعد إعلان الولايات المتحدة هزيمة داعش في آخر معاقلها ظهر للبغدادي منذ 5 سنوات ليقر بالهزيمة ويتوعد من جديد.
لاشك أن هذا الظهور يرتبط بإيران حيث ارتبطت سياستها واقتصادها على صناعة هذه المنظمة لاستنزاف موارد دول المنطقة وزعزعة استقرارها، فالحقيقة صادمة وتحويل هذا الظهور إلى فخ ينبغي الحذر منه، بعدما أعلنت سوريا والعراق القضاء على داعش في آخر معاقلها، هذا وتحدث المبعوث الأميركي لسكاي نيوز: عن تنظيم داعش بأن لديه «قدرات عالمية» وقال: «جيمس جيفري إن تنظيم داعش لديه قدرات عالمية، مشيرا إلى أن مهمة القوات الأميركية في سوريا هي الهزيمة المستدامة للتنظيم»...!
ومن أهم النتائج المناط مناقشتها إعادة رسم التوازنات في المنطقة العربية ومحاصرة التناقضات وإيجاد حل لقضية سورية واستقرار اليمن، ونخلص مما سبق أن أهداف المملكة العربية السعودية هو استرداد الحقوق الفلسطينية، وإخلاء الشرق الأوسط من الأسلحة التي تهدد أمن واستقرار المنطقة.
وفي هذا الجانب، واشنطن تعي دور نظام طهران الإرهابي وما يترتب عليه من كوارث، ضرورة رحيله القناعات حتى تتغير حسب المعطيات والوقائع وعملت واشنطن مع السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي للتصدي للمشروع الإيراني في المنطقة وخاصة دعمها للمليشيات كحزب الله اللبناني، ولكن بقي الأسد مع عقوبات على إيران التي يعاني اقتصادها من الانهيار وأوشك الدور الموكل لها على النهاية بعد الضغط المحكم عليها، ولكن ظهور البغدادي في سوريا الذي هُزم يهدد بالثأر.
هذا الظهور يؤكد أن داعش منظمة إرهابية إيرانية، تلعب بها ضمن الأوراق السياسية التي يتم تحركها من أجل تخفيف الضغط عليها بإشعال الحرائق هنا وهناك، والأزمة بين الصدر ومملكة البحرين من المعارك الجانبية التي تديرها، وهذا يحدث بالتزامن مع العقوبات الصارمة التي تدلل بأن إيران تحاول تظهر الإرهاب وتشتري عامل الضغط عليها.
ليدرك العالم أن نشاط داعش الإرهابي في كل مكان باستثناء إيران، فهو يساعد على عنصر الهيمنة الدفينة فيها، ولكن العقوبات سيكون لها الدور الأساسي لإيقاف بربرية نظام طهران والحد من الفوضى التي صنعها والرعب المحدق بالبشرية.