تسعى كبرى شركات الموضة وخبراء التسويق لجذب أكبر شريحة من المستهلكين واستقطابهم وتزويدهم بكل جديد، وكانت الموضة (في الملابس والأحذية) دومًا توجه للطبقات الميسورة وفي أقل الأحوال متوسطي الدخل، وكانت بعيدة المنال عن الطبقات الفقيرة ومحدودة الدخل لارتفاع تكاليف شرائها، وكانت ملابسهم المهترئة وأحذيتهم البالية وما تحمله من الرقع والشقوق والبقع تشعرهم بالغصة، وفي بداية عام 2012 م انتشرت موضة الملابس المرقعة والممزقة، وأصبحت كبرى شركات الموضة تتسابق على إنتاج ملابس تبدو وكأنها قديمة من حيث الرقع أو البقع أو الشقوق، وأصبح بمقدور أي شخص أن يكون مجاريًا للموضة فقط، عليه أن لا يرمي ملابسه القديمة بل كلَّما كانت أقدم أصبحت أشيك (في نظر متابعي الموضة)، وفي عام 2019 أعلنت إحدى كبرى الشركات عن إنتاج حذاء جديد يحمل ماركتها بحدود ثلاثة آلاف ريال، ميزته الوحيدة أنه يبدو قديمًا ومهترئًا ويحمل بقعًا.
عزيزي القارئ إن سعادة الإنسان في الغالب يراها عند الآخرين، وأغلبنا يعتقد أن الآخر أكثر سعادة واستمتاعًا بالحياة، وهذه تمنعنا من الاستمتاع بالأشياء الحقيقية التي نملكها، ولنفعل مبدئين في حياتنا لننعم بالسعادة:
- القناعة مع الرضى بكل ما يمر ونملك في حياتنا دون مقارنة مع الآخرين.
- عدم التوقف عن الاستمتاع والشكر لله لكل ما نملك مع الاستمرار في التطوير والعمل الجاد والمثابرة للارتقاء للأفضل والأحسن (مع السعادة بكل مرحله دون تأجيل).
فكثيراً من الشواهد في الحياة تجعلنا نعتقد أن ما يملكه الآخرون هو أبهج ويشعرهم بالسعادة، ورأينا مصممي الأناقة والموضة كيف استطاعوا أن يقنعوا المشاهير والأغنياء والطبقات المتوسطة أن الملابس الممزقة والأحذية المهترئة أنها معبرة عن الموضة، وأصبحت يتسابق عليها جميع طبقات المجتمع ويشعرهم امتلاكها وارتداؤها بالسعادة والأناقة، علما أنها كانت مؤلمة وتشعر لابسيها سابقًا بالحرج أمام الآخرين، ونتيجة لقيام الشركات على دراسة وفهم كيفية التأثير في سلوكيات البشر (مهما بلغوا من العلم)، فهي ترسم لهم طريقة حياتهم وتؤثر على توجيههم وما يسعدهم، لنحرص أن نكون عقلانيين (إلى حد ما) في حياتنا ولنؤمن أن امتلاك الأشياء أو الأكل في مطاعم معينة ليس بضرورة هو مصدر سعادة إذا استطعت أن تفهم لعبة التسويق والتأثير التي تمارسه الشركات عليك من أجل تحقيق مزيد من الأرباح وإبقائك لاهثًا وراء كل جديد وموضة حتى وإن كنت غير مقتنع أو مقتدر ولكنك تبحث عن السعادة المزعومة.
لذا لنحرص على الاستمتاع بما نملك مع الاحتفاظ بكل شيء قديم (حتى الأصدقاء)، فإياك أن ترمي ملابسًا أو أحذية (مهما بلغت من السوء) فيمكن أن تكون موضة في القريب العاجل وتدخل عالم الأناقة بما تملك من (خلاقين) مرقعة ومهترئة ويصبح قديمك نديمك لأنه أصبح موضة.