فهد بن جليد
دخول التراث السعودي تحت مظلة وزارة الثقافة يعني تطوير هذا القطاع أكثر وتنميته ووضعه في المكان الصحيح والأكثر مُناسبة ومُلاءمة باعتبار التراث نشاطاً ثقافياً في كل بلاد العالم، مع شكر هيئة السياحة والتراث الوطني التي قامت بدور وجهد كبير جداً في حفظ ورعاية وإبراز الكثير من مكونات التراث الوطني، وتسجيل جزء منه في اليونسكو وحفظه والاعتراف به عالمياً، إلاَّ أنَّ الأمانة اليوم تقتضي أن يحظى التراث السعودي برعاية خاصة جداً في كنف وزارة الثقافة لتواصل المشوار وتكمل مسيرة الاهتمام التي حظي ويحظى بها هذا القطاع، لارتباطه بالثقافة في كل المُجتمعات تقريباً، فهو قيمة حضارية تعكس الهوية السعودية، ويستحق أن يتم إبرازه ورعايته بدماء وأفكار شبابية جديدة.
بلادنا تزخر بإرث تاريخي غني متنوِّع له قيمة إنسانية كبيرة جداً ومهمة، فجمع التراث المُبعثر والمُختلَف حول جزء منه في الأصل، هو أوَّل ما أتوقعه من وزارة الثقافة في باب التراث، للحفاظ أولاً على المُكتسبات التي تحقَّقت، والمُكتشفات التي تم التوصل إليها، والبحث عن المزيد فما زال لدينا تراث كبير وغني وعظيم يحتاج أن تُسلَّط عليه الأضواء أكثر، كما أنَّ خطوة جمع التراث السعودي (المادي والمعنوي) في مرجعية ومنصَّة إلكترونية موحَّدة يمكن الرجوع إليها، ومعرفة تراث مناطق المملكة باختلاف مشاربه، لتحوي هذه المنَصَّة التعريف والوصف والنماذج ونبذة تاريخية، وهذه مهمة صعبة جداً، و مشوار مُضن ولكنَّها غير مُستحيلة لكل مُحب لوطنه ومجتمعه، وستبقى هذه الخطوة النواة الأولى والحقيقية لأي تطوير مُحتمل لقطاع التراث، فإذا لم تحصر تراثك وتعرفه باتفاق الجميع حوله، لن تستطيع المُضي قدماً في تطويره أو حتى جمع المزيد منه.
برأيي أنَّه بانتقال التراث السعودي إلى وزارة الثقافة وفق رؤية المملكة 2030، فإنَّه يمرُّ بمرحلة التطوير والحفظ الثالثة والأهم، فعند الحديث عن التراث الوطني لا يمكن أن نُغفل دور مهرجان الجنادرية في إبرازه وحفظه حتى جنادرية 33، وفي العشر السنوات الأخيرة قدَّمت هيئة السياحة والتراث الوطني كل ما يمكن تقديمه للتراث الوطني وحاولت حفظه وإبرازه والاعتراف به وتسجيله، واليوم ننتظر من وزارة الثقافة أمراً مُختلفاً وخطوات مُغايرة، تضمن أن ننظر نحن لتراثنا الوطني المجيد بعين أخرى أكثر جمالاً، قبل أن نُقدمه للعالم.
وعلى دروب الخير نلتقي.