د. محمد عبدالله الخازم
سعدنا بتعيين سمو الأميرة ريما بنت بندر بن سلطان سفيرة للمملكة في واشنطن لأسباب عدة أهمها بالتأكيد الكفاءة، حيث تملك إضافة للشهادة والتمكُّن التام من لغة وثقافة البلد الذي ستعمل فيه - أمريكا- خبرة العمل الحكومي والخيري داخل أمريكا والسعودية وفي المجال الحكومي وآخرها قبل منصبها الحالي قيادتها لمسيرة تمكين الفتاة السعودية من ممارسة الرياضة. إضافة إلى الاحتفاء بها كأول امرأة سعودية تتولى هذا المنصب السياسي الرفيع لدى الدولة الأهم عالمياً.
أرحب بسموها وأكتب قليلاً عن العمل الدبلوماسي، الذي أراه يحتوي عدة أبعاد أو محاور مهمة تتطلب إضافة إلى قيادة السفيرة توفر كفاءات وسطية ذات قدرات متميزة. هناك العمل السياسي ولا أفصِّل فيه كثيراً لأنه سيكون الشغل الأول لسمو السفيرة ويسير وفق توجيهات ولاة الأمر والمتغيِّرات السياسية والإستراتيجية العالمية والخاصة بالدولتين. هناك بعد العلاقات العامة والعلاقات العامة، في سفارة ما، ليس مجرد قراءة الصحف وتجهيز الملف الإعلامي ونشر أخبار السفارة، بل تكمن أهميته في التواصل وخلق العلاقات مع المؤسسات والأفراد الفاعلين في المجتمع الأمريكي وصنع الصورة الذهنية عن المملكة في أمريكا. من المهم عدم تجاهل الأبعاد غير السياسية أو ما يُعرف بالقوى الناعمة في مختلف المجالات، حيث العلاقات أو العمل الدبلوماسي يتكامل ويتقاطع مع كافة الأبعاد الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والتعليمية والإعلامية وغيرها ...
إدارياً؛ السفارة تشكِّل إحدى منظومات وزارة الخارجية أو الإدارة الحكومية وإن كان مقرها بالخارج، تسير وفق أنظمة بيروقراطية ومالية متنوِّعة وتقوم بأدوار إدارية متنوِّعة. في الدول الكبرى ذات الزخم السياسي والدبلوماسي، مثل الولايات المتحدة، هناك حاجة ماسة إلى تفهم أكبر من قبل وزارة الخارجية والجهات ذات العلاقة للأدوار التي تقوم بها السفارة ومنحها المرونة اللازمة للإبداع. يؤسفني الإشارة بوضوح إلى أن سفاراتنا في الخارج والملحقيات والمكاتب المرتبطة بها تعاني أحياناً من أنظمة إدارية ومالية بعضها لا يتناسب مع بيئتها وكونها تعمل في مجتمع يختلف عن المجتمع المحلي. نرجو تفهم وزارة الخارجية والجهات الأخرى ذات العلاقة لمثل هذا الأمر ومنح سمو السفيرة الصلاحيات والمرونة التي تساعد السفارة والمكاتب التابعة لها نحو الإنجاز والتميز.
أحد الأضلاع المهمة في عمل السفارة ودائماً توصي القيادة بالاهتمام به هو خدمة المواطن والزائر وهذا الأمر يتم من خلال شؤون الرعايا والمكاتب القنصلية. هذا العمل اليومي يتطلب اللباقة والجهد والإنجاز ومن خلاله تعكس صور جميلة عن السفارة وعن المملكة لدى الأفراد والأسر السعودية والأجنبية ذات العلاقة. بالطبع لا يتوقّع من سمو السفيرة أن تترك مهامها السياسية والدبلوماسية للتفرّغ للتفاصيل اليومية في هذا الشأن، لكنه أمر مهم وجود فريق مميز يكون على قدر الثقة والتأهيل والمعرفة في هذا الجانب.
أخيراً؛ هناك الملاحق والمكاتب، وكل منها له اختصاصه الفني ومرجعيته وفق تخصصه؛ صحي، تعليمي، تجاري، عسكري، إلخ. التناسق والتناغم والتكامل بين تلك المكاتب يسهم في تطوير العمل وتحفيز العلاقات الدبلوماسية وغير الدبلوماسية والارتقاء بسمعة المملكة في مختلف المجالات.
دعواتنا لسمو الأميرة ريما بالتوفيق ومرحباً بها واشنطن.