سعيد محمد العماري
تقدر مؤسسات وجمعيات القطاع غير الربحي في المملكة بنحو 2600 مؤسسة وجمعية تتنوع ما بين مؤسسات أهلية وجمعيات وجامعات ومستشفيات غير ربحية، وجمعيات تعاونية وأندية أدبية وهيئات مهنية، كما أنه قطاع يمثل ركيزة رئيسة لتحقيق رؤية المملكة 2030، ومستهدفات برنامج التحول الوطني 2020، لذلك تأتي أهمية موافقة مجلس الوزراء برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - يحفظه الله -على إنشاء «المركز الوطني لتنمية القطاع غير الربحي»، الذي يتمتع بشخصية اعتبارية، واستقلال مالي وإداري، ويرتبط برئيس مجلس الوزراء، ويهدف إلى تفعيل دور منظمات القطاع غير الربحي وتوسيعه في المجالات التنموية، والعمل على تكامل الجهود الحكومية في تقديم خدمات الترخيص لتلك المنظمات، وإحكام الرقابة المالية والإدارية والفنية على القطاع، وزيادة التنسيق والدعم.
وتنبع أهمية هذه الموافقة أيضاً من أن العمل غير الربحي يشكل المحور الثالث للتنمية المستدامة، وقد ركزت رؤية المملكة 2030 على تطوير هذا القطاع باعتباره أحد الأعمدة الأساس لعملية التنمية، وشريكاً مهماً وفعالاً في النهضة التنموية الاستثنائية الشاملة التي تشهدها المملكة، حيث تهدف رؤية 2030 وبرنامج التحول الوطني 2020 إلى رفع مساهمة القطاع الثالث في إجمالي الناتج المحلي من نسبة أقل من 1 في المائة إلى 5 في المائة، أي رفع إسهامه في الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي من نحو 5 مليارات ريال إلى 16 مليار ريال، إضافة إلى زيادة نسبة الإنفاق التنموي للقطاع لتلك المؤسسات ليصل إلى 51 في المائة بدلاً من 21 في المائة من إجمالي إنفاقها، مع السعي لتهيئة البيئة الملائمة لدفع القطاع نحو النمو، وتحويله إلى سوق عمل جاذبة.
ولا شك أن هذا الخطوة سوف تسهم بشكل كبير في تفعيل دور الجمعيات الخيرية وتكفل لها الاستقلالية والاستدامة المالية وتنويع مجالاتها التنموية، كما أن من بين أبعاد القرار الإيجابية، ارتباطه المباشر برئيس مجلس الوزراء، وهو ما يمكِّن مؤسسات القطاع الثالث من تنفيذ البرامج والخطط الاستراتيجية الخاصة بها بديناميكية ومرونة عالية.
ونرى أن قرار مجلس الوزراء بإنشاء المركز سينعكس إيجاباً على القطاع غير الربحي في المملكة، والسير به في اتجاه تحقيق رؤية 2030، لكونه المرجع الذي سيعين مؤسسات القطاع الثالث على تحقيق أهدافها، وتقديم خدمات نوعية للمستفيدين منها ورفع سقف طموحها، لتحقيق أقصى مستويات الكفاءة وفاعلية الأداء وتطوير برامجها وخدماتها.
ونتطلع لأن يمثل إنشاء المركز نقلة نوعية في حوكمة منظمات القطاع غير الربحي واستدامتها، خاصة بعد أن ذلل هذا القرار العديد من العقبات التي كانت تعترض طريقه، حيث كانت تتقاسم الإشراف عليه عشر جهات حكومية، ليصبح الآن بعد هذا القرار كياناً مستقلاً مالياً وإدارياً، وشريكًا في عملية التنمية، وتأسيساً على ذلك فإن كل المهتمين بالقطاع غير الربحي ينتظرون من المركز الوليد الكثير من العمل، لتعزيز التعاون مع أجهزة الدولة، وتحفيز القطاع على تطبيق معايير الحوكمة، والمساءلة والشفافية وتنشيط دوره لخدمة وتنمية إِنسان الوطن.
ولا شك أن المركز سيعمل على تطوير التنظيمات الخاصة بالقطاع غير الربحي، لتحقيق التمكين والتفعيل المنشود للقطاع وذلك من خلال رسم خريطة طريق لبناء سوق الاستثمار الاجتماعي في المملكة، من حيث العرض والطلب ومشاركة البيانات، إضافة إلى خلق الاصطفاف بين أصحاب المصلحة لصناعة تلك السوق الواعدة، بجانب العمل على تطوير مهارات التمكين والقدرة والتواصل وحل المشكلات لدى العاملين في القطاع الثالث.