عبدالوهاب الفايز
الثلاثاء الماضي دعتنا مكتبة الملك عبدالعزيز للمشاركة في ورشة عمل بمناسبة (اليوم العالمي للكتاب وحقوق المؤلف)، وقد أعدت لهذا الحدث منتجًا ثقافيًّا جديدًا، ضمن مبادراتها المتميزة لخدمة الثقافة والفكر، كما فعلت في مطاراتنا. هذا المنتج هو (قيصرية الثقافة) في ساحة قصر الحكم، وهي بمنزلة معرض كتاب، يُقام وسط الناس. وبعض حضور الورشة حرك فيهم المكان الحنين إلى زمن مضى؛ فبالقرب من هذا المكان كانت الكتب تُباع في حراج ابن قاسم.
عندما وصلت الدعوة الكريمة للمشاركة في الورشة عن (صناعة الثقافة) في الحقبة التحولية قلتُ: هذه فرصة لطرح مشروع، تمنيت قيامه منذ سنوات بعيدة في مدارسنا؛ ففي ظل الصراع على المناهج انشغلنا عن تنمية المهارات الثقافية في البيئة التعليمية؛ فالقيادات في الوزارة في العقدين الماضيين انشغلوا عما يجري داخل المدرسة؛ فالتجاذبات والبروتوكولات الخارجية أنهكتهم، واستهلكت طاقتهم؛ وفقدوا تركيزهم على البيئة التعليمية!
الآن لدينا تطلعات وقيادات جديدة في التعليم، تبحث عن تطور نوعي. ولدينا وزارة للثقافة أطلقت 27 مبادرة، تستهدف إنشاء (صناعة ثقافية) مستدامة المنتجات، وولادة للمبادرات، وتضع في اعتبارها تنمية الموارد المالية في القطاع؛ ليكون خيره المباشر للمبدعين وللأسرة الثقافية التي تعايشت وتعودت منذ عقود مضت على أن: حرفة الأدب (ما توكل عيش!). هل نحن نحلم؟!
لا.. لسنا في حلم، بل هي نقلة جديدة، تبحث عن المبادرات القابلة للتحقق على أرض الواقع، والقابلة للقياس. وفي إطار هذه الرؤية نجدها فرصة لدعوة الوزارتين (التعليم والثقافة) لتبني مشروع لإطلاق (نادي الهوايات الثقافية). وزارة التعليم هذا دورها وواجبها، ووزارة الثقافة هي من سوف يحصد المخرجات؛ فالطلاب عندما يتعلمون مهارات إنتاج المحتوى الإبداعي في الشعر والقصة والرواية والمسرح والخطابة والفنون التشكيلية سوف يكونون مستعدين للنقلة النوعية في العملية الإبداعية. وهنا دور وزارة الثقافة لدعمهم وتمكينهم، وتهيئة مؤسسات التنمية الثقافية لاستيعابهم وتطويرهم، ونشر منتجهم الثقافي.
مشروع أندية المواهب الثقافية المقترح إطلاقه في مدارس التعليم العام هدفه (تأسيس كيان اعتباري) في المدرسة، يكون له طاقم إدارة وإشراف؛ ليتولى عبر (التعليم بالترفيه) تنمية مهارات الكتابة والتعبير الإبداعي. وهذا يلتقي مع التوجه إلى التركيز على تنمية المهارات.
والوزارة أطلقت مؤخرًا مبادرة (ماهر) كمسار جديد لإدخال المواد والأنشطة التي تنمي المهارات اليدوية، وتنمي الاتجاهات الإيجابية للأعمال الفنية والمهنية لدى طلاب التعليم العام.
أيضًا النادي قد تدخل تحته (مكتبة المدرسة) التي ربما تحولت في بعض المدارس إلى (مستودع!). أيضًا يتولى تنظيم المسابقات الثقافية، ويقدم الجوائز التشجيعية للطلاب، ويربطهم بالأندية الثقافية وجمعيات الفنون، ودور النشر، وكل مناشط المنتجات الثقافية والسياحية. إنه مشروع يعد طلابنا للاستثمار في اقتصاد المعرفة.
تنمية الهوايات مشروع مكانه المثالي المدرسة. وفي السابق نتذكر كيف كانت المدارس تتبنى تنمية الهوايات بأنواعها، وكانت مؤسسة التنشئة الاجتماعية التي تولت حَمل العبء عن الأسرة والمجتمع في مراحل التشكل الأولى لمجتمعنا. في السنوات القريبة الماضية تراجع اهتمام المجتمع والمدارس بالهوايات.. والتراجع في أولويات المجتمع ضحيته الطلاب.