فهد بن جليد
وفاة ثاني مشجع رياضي -رحمه الله- عقب خسارة فريقه هذا الموسم، تجعلنا أمام حالة من التساؤل عن أسباب وآثار الاحتقان الرياضي غير المُبرَّر، والحلول الواجب اتباعها - حتى لو كُنَّا في نهاية الموسم - فمن يتحمّل مسؤولية استمرار وتطور هذا التشنّج في المواسم المُقبلة؟ الذي تدفع الجماهير الصادقة والمحبة لأنديتها ونجومها ثمنه بسبب ميولها الرياضي، القضية لا تقف عند حالات الوفاة - نسأل الله لهم الرحمة والعفو- فهناك ثمن صحي تدفعه الكثير من الجماهير التي عانت أزمات صحية وجلطات ونكسات متنوّعة بسبب التعصب والاحتقان الرياضي -غير التقليدي وغير المُبرَّر- خلافاً لمشاكل عائلية يورثها مثل هذا السلوك، وأسر تفكَّكت نتيجة لحظات غضب وزعل بسبب التعصب الرياضي، لا يمكن حصر الحوادث المرورية التي وقعت بسبب التهور نتيجة أحداث وتعليقات الأقران الرياضية، الأمر لا يتوقف على تعليقات ومناكفات رياضية كما يتوقّع بعض من يُشعِلون لهيب المنافسة خارج أسوار الملعب بطريقة مُزعجة طوال الوقت بالتهكم، والطقطقة، فهناك من يُعاني بصمت وقد يخسر حياته أو صحته أو استقرار عائلته، فهل هذه رياضة؟
أنا هنا لا أبالغ ولا أضخّم الأمور، يكفي أن تلتفت حولك في كثير من المجالس والمكاتب والاستراحات، بل وحتى في الطُرقات والمقاهي لتسمع وتكتشف الاحتقان الذي تُسبِّبه (طقطقة وتهكم وتعليقات) غير رياضية، تصدر من مُشجعين تجاوزوا التنافس التقليدي ودخلوا بقصد أو بجهل في التعصب الرياضي وإثارة الخلافات بين الأصدقاء والزملاء والأقارب - بعيداً عن الأخلاق الرياضية - ما تسبب في ضرر فئات من المجتمع، وابتعد بالتشجيع الرياضي عن المُنافسة الجميلة والتحدي المقبول والمُنتظر داخل الميدان.
هناك ثمن باهظ يدفعه أشخاص أبرياء، نتيجة مثل هذا السلوك المؤذي وغير الفروسي وغير الرياضي الذي أطالب بتجريمه بشكل صريح ومُحاسبة المُتسبِّبين فيه بشكل جدي، قبل أن تتفاقم آثاره أكثر فأكثر، ويصعب حينها التحكم فيه أو الحد من عواقبه، مثلما يحدث الآن في بعض البطولات الأوروبية التي تعاني من الشغب في المُدرجات، ومن حالات الوفاة بسبب نتائج المُباريات دون مُبرِّر، نكون سعداء أكثر عندما تشتعل المنافسة في حدود الملعب والمُدرَّج، لتكون الرياضة السعودية هي الأهم وشاغلة الشارع الخليجي والعربي بالفعل، بعيداً عن التشنّج والتعصّب الذي يتسبّب به لاعب أو إداري أو إعلامي أو مُشجع، وتدفع ثمنه أسرة بريئة بأكملها، هنا لا يمكن وصف ما يحدث بأنَّه تشجيع أو ميول رياضي أو حتى تجاوز تُعاقب عليه أنظمة الرياضة، بل هو -برأيي- جريمة تستحق العقاب والرَّدع.
وعلى دروب الخير نلتقي.