د. خيرية السقاف
ما الذي يعجبك في الطاووس إذا كان لم يصنع لنفسه ريشة، ولم يلوِّنها؟
وإذا كان كلما فرد جناحيه ظُنَّ به التباهي وهو لا يتصنَّعه؟!..
ما الذي يؤلمك من الشوكة إن كانت لم تصنع رأسها، وحين تصطدم بها فتوخزُ لم تسعَ هي لإيذائك؟!..
لماذا تتهم الليل بالسواد بينما لم يصنع ظلمته؟..
وليس هو من يدعوك للسهر فيه، ولا للنوم عنه؟!..
لماذا تصف النذل من البشر بالكلب، والأحمق بالحمار، وحين ينزل بأطراف شجرة بالقرب منك غراب تكتئب، والكلب يحرسك ويفي، والغراب لم يختر لونه، ولا وظيفته، والحمار يحمل أسفارك ولا يرد عنه أذاك؟!..
لماذا أنت مغرور بقدميك فإن اعترضها صلب عجزت عن المشي؟!.. وتتباهى بثوبك وإن تمزق خجلت من عراك؟!..
لماذا أنت لا تتصالح مع الطبيعة وكائناتها إلا حين تكون لك منها منفعة؟ ولا تغوص في ذاتك لأنها تُعميك؟!..
أتدري بأن مئات من البشر يحملون اسمك الأول، وأنت حين تغادرك روحك فجثة تُنادى، وميتٌ توصف!!.. وإنك خالٍ من القلادة، والحذاء، والثوب، والقبعة، والكنية، والأوسمة والألقاب!!..
ذرات من التراب في التراب!؟..
إنهم حين يذكرونك من هم على دربك يسيرون يقولون عنك: «المرحوم»..
وعسى أن تكون كذلك..
فما فعلت لتنضم تحت مظلة الرحمة المرتجاة؟!..
والثرى تحت قدميك كما قال الشاعر: «من أعين»، هو من كل كائن فوق الأرض نفق فامتزج بهذه التربة، حتى الحجر تجده ينبئك عمَّن خطا، وغادر، فامتزج به..
إنك إن تمنح الكائنات فرصة القبول كما هي طبيعتها قبل أن تذهب فتذوب فإنك سوف تعرف حقيقة ذاتك، وطبيعتها قبل الفوات..
ربما حينها يكون تصالحك مع الكائنات نافذة لسلامك، وتفاعلك..
ومن ثم لرحمة الكائنات من جهلك
يا بشر!!..