د.ثريا العريض
تمتلئ ساحة الإعلام اليوم بأخبار الإرهاب والتعامل مع الإرهابيين ونشاطاتهم الإجرامية المقيتة. ومن المؤسف أن يكون هناك من يتعاطف معهم ويبرر ما يرتكبونه أو يخططون له لأسباب متعددة.
وفي كل الأزمنة والمواقع، هناك ما هو أسوأ من التصيد السياسي المبرر بدواعي الأمن، وهو التسميم الفكري الانتهازي المبرر بدواعي حماية فئة ما من وضع سيئ متوهم. حيثما يحدث هذا عالمياً تبرز ظاهرة اختطاف القيادة الفعلية من صانع القرار الرسمي إلى جهة فرعية تعلن نفسها مسؤولة عن قراءة نيات الناس ومعاقبتهم على تصرفات تصنفها على أنها مستحقة للعقاب. وقد تنجح في ذلك حتى تنصب نفسها حكومة مشرعنة كما يحدث في إيران تحت نظام الملالي. بل وتتدخل في الشؤون الداخلية لغيرها من الدول ذات السيادة مدعية أنه تدخل مبرر على أساس الإصلاح والإنقاذ. بينما الهدف هو السيطرة على القرار والموارد. ومع الأسف يستجيب البعض من المغفلين بتسليم هذه الجهات زمام فكرها وتنفيذ تعليماتها.
وبالإضافة إلى أن هذا يعني تهميش قدرة الأعراف والمؤسسات الرسمية، وادعاء عجزها عن حماية التصرف والوضع العام من الانفلات، فهذه الجهات المتطفلة أيضاً تسمح لنفسها بتبرير أخطائها، واستيلاد الفرص لتأكيد ضرورة وجودها.
الخطر الكامن في استشراء مثل هذه التصرفات يتطلب من الجهات المسؤولة عن حماية أمن المجتمع واستدامة استقراره، التصدي بقوة لمن يتعمد استلاب دور أجهزة الأمن الرسمية، أو تهشيمه بفعل فاعل قاصد متعمد. وأول خطوة جدية في ذلك أن تتخذ إجراءات واضحة وتطبق فيما يتعلق بالمسموح والممنوع من أي فرد أو جهة، لحماية المجتمع وأفراده من نتائج الغلو أو الانحراف السياسي.
لا بد أن نتصدى جميعاً وبوعي لأهمية الحفاظ على التوازن الفكري المجتمعي، وتنقية وتقوية محتوى أجهزة التعليم والخطاب العام لمنع تفرعن أو تسرطن أي جهة تمارس تجييش المشاعر العامة سلبياً، ما سيوصل المجتمع إلى مستوى الخوف من الأجواء المكارثية الكارثية.
لسنا في حاجة إلى حمم بركانية رأيناها ولا نزال نراها تقضي على الأخضر واليابس في أراضي الإخوة والجيران.
حمى الله الوطن وأمنه واستقراره، بقيادته وقوته الدفاعية على الحدود، وفي الداخل، وتعايش الفئات في مجتمع حضاري يدرك كل فرد فيه حقوقه وحقوق الآخرين ويثق أن القانون يحميه والجميع من الانفلات أو تعدي الآخرين على حقه في الحياة الطبيعية.