رجاء العتيبي
التاريخ يعيد نفسه, وتحديدا مساء (غد الأربعاء)، في مدينة الرياض - شارع التخصصي، عن طريق حدث فني/ تشكيلي مثير, يتمثل في عرض لوحات للاقتناء في (صالون تشكيلي) لأعمال مرفوضة من قبل المعرض التشكيلي 30×30 الذي تنظمه جامعة الملك سعود والمزمع إقامته غدا الأربعاء بمقر الجامعة.
هذا الحدث الذي يديره التشكيلي, مستشار الهوية التجارية د. سلطان الزياد بمعاونة فريق العمل, التشكيلي/ أ.باسل الخراز والتشكيلية أ.مرام الحربي يأتي على غرار معرض (صالون المرفوضات) 1863 في باريس, ففي ربيع عام 1863 في باريس قَدّم رسام شاب يدعى «إدوارد مانيه» إلى لجنة التحكيم في صالون باريس بعضاً من أعماله والتي رفضت جميعاً، وكذلك رفضت الكثير من أعمال العديد من الفنانين. فقاموا فورا بتقديم التماس إلى الإمبراطور نابليون الثالث يوضحون موقفهم الرافض للنتيجة تلك، فسمح لهم بإقامة معرض موازٍ خاص للرسوم والأعمال المرفوضة من لجنة التحكيم. وأطلق على ذلك المعرض بـ»معرض صالون المرفوضات». فأصبح معرض صالون المرفوضات تقليداً منتشراً في أنحاء أوروبا وأتاح الفرصة للاستثمار في الفن وزادت التعاملات والأنشطة الفنية خارج مساحة الصالونات الرسمية والحكومية مما أثر على حركة الفن وتجارته بشكل قوي ومباشر كما انتشرت صالات العرض التجارية ومسوقو الأعمال الفنية بعد ذلك.
ويعتبر (معرض صالون المرفوضات) في باريس السبب المباشر للانتقال إلى مرحلة (الفن الحديث) ومدارسه المتعددة حيث تحرر الفنان من قيود الحكم على أعماله من قبل لجان مسيطرة أو من زملائه الفنانين أو هيمنة جهات أخرى.
من جهته الصالون السعودي الذي استقطب عرض الأعمال المرفوضة من معرض جامعة الملك سعود, يعي مهمته من حيث أبعادها الفنية وأهميتها في إثراء الحراك التشكيلي السعودي بعيدا عن الأحكام النهائية على اعتبار أن الفن لا يقبل الآراء الحدية, ففيه متسع لكل الآراء وأن (المرفوض) لا يعني أنه مرفوض للأبد.
التشكيليون الشباب المرفوضة أعمالهم تبنوا الخيار الآخر بعد أن تلقوا الفكرة من (الصالون التشكيلي), والذي يمكنهم من عرض أعمالهم عبر منصة أخرى بعيدا عن عقد اللجان الموقرة التي ما برحت تنشط في كل معرض تشكيلي, وكل حدث فني.
الفكرة جديدة في نطاقنا المحلي, وهي خطوة عصرية بقيادة د. سلطان الزياد وفريقه والفنانين المشاركين تسهم في تطور الحركة التشكيلية السعودية, وتفيد من التجارب العالمية التي سبقتنا في مثل هذه الأفكار التي تشتغل خارج نطاق الصندوق, وتعكس مدى عمق الاطلاع الفكري لفريق العمل وبعد نظره وشغفه بالتجديد, رغم أنها قدرات فردية وجهود شخصية.