عطية محمد عطية عقيلان
يحرص أغلبنا على مراقبة رصيده المالي، بل يجتهد لينميه ويشعر بسعادة غامرة عند رؤيته رصيده البنكي في تصاعد، ويبذل الجهد والوقت ومزيدًا من العمل ليحافظ على رصيده المالي ويقلق عند نقصان أو فراغ رصيده. يراقب رصيده البنكي ويطالب برسائل نصية على هاتفه مع كل عملية بنكية لتكون كل هللة تحت المراقبة، وعند القيام باقتطاع جزء من رصيده دون وجه حق يتوجه إلى البنك والجهات الرقابية ليصحح الخطأ واستعادة حقه المالي ويحس بالزهو والانتصار عند تحصيله وعودته لرصيده. ويجتهد لمراقبة رصيده البنكي ومعرفة كل تفاصيله وتفاصيل كل عملية أو سحب أو إيداع بكل انتباه ومراقبة ويقظة ولا يغفل عن أي شاردة أو واردة، علمًا أن رصيدك المالي أنت لا تملك منه حقيقة سوى ما تقوم بإنفاقه واستخدامه سواء على نفسك أو أهلك أو المحيطين بك. في المقابل الرصيد الإِنساني الذي نملكه ويبقى باسمنا ولا يستفيد منه سوانا لا نعيره الاهتمام أو النقص بنفس درجة الحرص والاهتمام والانتباه والأهمية لما نراقبه في أرصدتنا المالية فلننتبه على عدة أمور:
- تتناقص أعمارنا مع مرور كل يوم دون أن نعوضها بمزيد من الراحة والعبادة واكتساب الهدوء والحكمة وتخفيف السرعة واللهث وراء الحياة.
- تضعف صحتنا دون أن ننتبه أو نوليها الاهتمام بالفحص الدوري وممارسة الرياضة المناسبة والنوم لساعات كافية والانتباه على عاداتنا الغذائية.
- تتناقص علاقاتنا الاجتماعية لارتفاع سقف متطلباتنا وحدة آرائنا وتقلب مزاجنا.
- يتلاشى الأصدقاء والزملاء والأقارب بفعل السن والانتقال أو المرض أو الموت.
- تخف روابطنا الأسرية نتيجة الانشغال وبعد الأماكن دون بذل الجهد لإبقائها بالحد الأدني.
- تقصر خطواتنا البدنية ولا نعوضها بإطالة أيدي العطاء والمحبة والتسامح لنولي رصيدنا الاجتماعي والإِنساني والصحي والأخلاقي الاهتمام الذي نوليه لأرصدتنا البنكية ونحرص عليها من الهدر والتلف والضياع وسوء الاستخدام والتبذير أو الشح ونقوم ببرمجته والتدقيق فيه بشكل دوري، ونحرص على تطوير وتنمية رصيدنا الإِنساني وزيادته بالتسامح والتغافل والعطاء وتقديم المشورة والدعم والمساعدة لكل قريب وزميل ونسعى بالاصلاح بين الناس ونجبر خواطرهم ونزيد جرع التفاؤل ونخفف أو نبتعد عن النقد والتشاؤم وننمي معرفتنا بالقراءة والاطلاع وندرب أنفسنا على الهدوء والراحة والسكينه، ونحرص على رفع رصيدنا الإِنساني والأخلاقي في كل يوم ونؤمن أنه الرصيد الحقيقي الذي نملكه ويبقى أثره ونستطيع أن نرفعه في كل يوم بما نقدمه من عطاء ومعرفة ومساعدة وتسامح وتفاؤل للآخرين وهو رصيد أحرص أن يبقى دون نقصان بمراقبة ومراجعة يومية لكل ما قمت به من سلوك إِنساني وتنمية الجوانب الإِنسانية لتضمن زيادته في كل يوم لتصبح من الأغنياء أو الأثرياء في عطائك الإِنساني وهو الدائم لك، لذا راقب رصيدك الإِنساني والأخلاقي والاجتماعي وأحرص على أن يكون دومًا مليئًا وفائضًا وفي تنامٍ مستمر ولا تتوقف عن البحث ومخالطة كل ما ينميه واحذر من كل مهتم برصيدك المالي فقط وأحرص على إشاعة ثقافة الاهتمام بتنميته والثراء في الرصيد الإِنساني (جعلني الله وإياكم من أثريائه).