أحمد المغلوث
من الأخبار السارة والمفرحة التي أسعدت مئات الآلاف من الكتّاب والمؤلفين، بل كل من يتعاطى في الشأن الثقافي، هو خبر إعلان الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان وزير الثقافة إنشاء دار نشر سعودية بمركز مالي مستقل. إن مثل هذا الخبر المفرح يواكب رؤية الوطن، وينحاز نحو الأخذ بيد المؤلف السعودي الذي عانى خلال العقود الماضية من استغلال بعض دور النشر في الداخل والخارج. ولا شك أن تدفق عطاء الإبداع السعودي وتناميه وانتشاره في مختلف المناطق والمحافظات، خاصة في السنوات الأخيرة، جعله في أمسّ الحاجة لمثل هذه الدار التي كانت تطلعًا يراود كل مؤلف. ولو التقينا مع بعض ممن كانت لهم تجارب مع دور نشر محلية وخارجية لتحدثوا عن الكثير من السلبيات وحتى المعاناة التي أضرت بهم نتيجة لاحتفاظ بعض الدور بحقوق الكتّاب سنوات عديدة؛ الأمر الذي يؤثر سلبًا على المؤلف وحتى الكتاب نفسه.. وبعض الدور لا تتيح الفرصة للمؤلف أن يطلع على حركة البيع والتوزيع؛ وهو ما يجعله بعيدًا عن معرفة وضع الكتاب، أو عدم المشاركة به في معارض الكتب داخل المملكة وخارجها؛ وهذا بالتالي يؤثر في العملية التسويقية للكتاب، ولا يصل إلى المنافذ المطلوبة. وهناك أشياء كثيرة لا تخفى على كل من له علاقة بالثقافة والنشر.
دار النشر الكبرى التي تحتضنها وزارة الثقافة الموقرة سوف يكون لها شأن كبير جدًّا وفاعل؛ إذ لا تؤدي فقط واجبًا تمناه الجميع فحسب، وإنما تُشعر المؤلف السعودي بالثقة والاطمئنان أن مؤلفه بين أيادٍ أمينة حريصة عليه، تسعى بقوة لنشره في المملكة والعالم العربي وحتى الغربي.. كما أشار إلى ذلك الأمير بدر قائلاً: «إن دار النشر تهدف إلى نشر الثقافة والأدب السعودي محليًّا وعربيًّا ودوليًّا، من خلال المشاركة في معارض الكتب المحلية والعربية والدولية، إضافة إلى منافذ بيع خاصة بالدار، ستقدم من خلالها الكتاب السعودي بأسعار رمزية..». هل هناك أروع من هذا؟ لقد جاء اليوم الذي يرتاح فيه المؤلف «المبدع» السعودي بعد عقود من التعب والإجهاد، أضاعها بين التأليف والركض وراء بعض دور النشر التي أكلت حقوقه. أما اليوم فسوف يتنفس الصعداء وهو على ثقة أن (دار نشر وزارة الثقافة) سوف تكون الأم الحنون التي ترعاه رعاية متكاملة.
ألا يحق لنا أن نفخر ونعتز بمثل هذه الدار التي سوف تحتضن الإبداع الوطني؛ لتقدمه للعالم بالصورة التي يتمناها كل مُحب ومخلص للوطن ومبدعيه؟.. إن توظيف الإبداع السعودي بصورة مثالية، وتقديمه للعالم كما يجب، وبما يعزز من دور المملكة على الصعيدين الثقافي والإعلامي، يضع إبداعنا أمام العالم بصورة يستحقها. ولا يختلف اثنان على أن في وطننا - ولله الحمد - إبداعًا يستحق أن يبرز، وأن يأخذ مكانته السامية في المعارض العالمية؛ الأمر الذي يحتم ضرورة وجود مثل هذه الدار تحت مظلة وزارة فاعلة منوط بها الارتقاء بالكتاب السعودي، ودعم مؤلفه ماديًّا ومعنويًّا كما يجب.