د. أحمد الفراج
تحدثت في المقال الماضي عن تجاهل الرئيس السابق، باراك أوباما، للتدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية، وهو التدخل، الذي تم تعيين محقق خاص بشأنه، للتحقيق عمَّا إن كان هناك دور للرئيس ترمب بذلك، فالديمقراطيون يزعمون بأن ترمب قد تواطأ مع الروس، الذين ساعدوه على الفوز بالرئاسة، وقد صعقهم تقرير المحقق الخاص، الذي يدين أوباما أكثر من ترمب، إذ حدث التدخل في عهد الأول، ولم يفعل شيئاً حياله، بل إن التقارير تؤكد أن سوزان رايس، مستشارة أوباما للأمن القومي، أحبطت جهود العاملين معها، عندما أعدّوا خططاً لمواجهة التدخل الروسي، الذي تؤكّده جميع أجهزة الأمن والاستخبارات الأمريكية، وعلى رأسها أهم وكالة استخبارات عالمية (CIA)، وطالما أن أوباما لم يكن متواطئاً مع الروس، فلماذا إذاً لم يجابه التدخل الروسي؟!
أوباما كرّس كل جهده لإنجاز الاتفاق النووي مع إيران، وكان مستعداً لعمل أي شيء، في سبيل تحقيق هذا الإنجاز، ولذا يؤكد المعلّقون أنه تجاهل التدخل الروسي حتى لا يغضب الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، الذي كان له دور في مفاوضات الاتفاق النووي، ويرتبط بعلاقة طيبة مع إيران، ونستطيع القول هنا إن أوباما عرّض الأمن القومي الأمريكي للخطر في سبيل السعي لمجد شخصي، ولا أدري كيف يصنف هذا قانونياً، فيما لو تمت ملاحقة أوباما، مثلما يحدث مع ترمب، وما يؤكد ذلك، هو أن أوباما له سابقة بتجاهل المصالح الأمريكية العليا، في سبيل إنجاز الاتفاق النووي، فهو مسح خطوطه الحمراء في سوريا، لأنه كان يخشى أن يغضب ذلك إيران، كما يذكر مستشاره الخاص، بن رودس، أن إيران هددت أوباما بالانسحاب من الاتفاق النووي، إذا تسنّم إياد علاوي - القريب من المملكة- رئاسة وزراء العراق، فماذا فعل أوباما؟!
تدخل أوباما، وأبعد علاوي ودفع بالطائفي، نوري المالكي، ونعرف ما حدث بعد ذلك، وليس هذا كل شيء، فأوباما دفع مبالغ طائلة لإيران، استخدمتها في سياساتها التوسعية، في لبنان والعراق وسوريا واليمن، ويضيف بن ردوس، مستشار أوباما الخاص، أن أوباما كان يعلم أن إيران هي التي كانت تحرّك داعش، فهو قد غضّ الطرف، عندما أمر نوري المالكي جيش العراق بالانسحاب من الموصل، وهو الانسحاب الذي أذهل المراقبين حول العالم، لأن الجيش ترك وراءه أسلحة تقدَّر قيمتها بعشرين مليار دولار، كما ترك مبلغاً طائلاً في البنك المركزي بالموصل، ثم بعد أن أصبح المسرح جاهزاً، أطلق المالكي سراح ستمائة قاعدي من عملاء إيران، استطاعوا أن يستولوا على الأسلحة، التي تركها جيش العراق، والأموال التي كانت في البنك المركزي، ليؤسسوا تنظيم داعش، فإذا كان أوباما فعل كل ذلك، فهل نستغرب تجاهله للتدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية؟! وسنواصل الحديث.