د.عبدالعزيز الجار الله
عاشت بلادنا أكثر من (70) سنة على نظام إداري ينفذ عبر الوزارات، فكان البدء بأربع وزارات: الداخلية والخارجية والبلديات والمالية. تضاف لها وزارة حسب الحاجة، لكن إدارة شؤون الدولة تمر عبر وزارات محددة تجتمع فيها كل القطاعات، وعبر هذه الوزارات المحدودة يتم فصل وسلخ ونقل صلاحيات من وكالات وإدارات من جهاز إلى آخر تكون متصلة وفِي إطار الوزارات.
نتيجة إلى هذا الإرث ترسخ لدينا ثقافة إدارية واحدة تتلخص في أن أي قرار لا يصدر إلا من وزير أو وزارة بصيغة قرار وزاري، حتى أن الوزير يملك كل الصلاحيات التعينات والترقيات والعلاوات والبدلات وإصدار الأنظمة والتعاميم، حتى يصل الأمر إلى قرار الإيجاز الاضطرارية، كانت بيرقراطية سلبية تعيشها بعض قطاعاتنا وبالتالي تعالج مشكلات الوزارات بوزارة جديدة.
يوم الخميس الماضي نشرت جريدة الجزيرة تقريرًا صحفيًّا عن رؤية السعودية 2030 قالت فيه: خلال عمرها القصير الذي لم يتجاوز 36 شهرًا، استطاعت رؤية المملكة 2030 خلق تحولاً حقيقيًّا في المملكة على كل الصعد الاجتماعية والاقتصادية والتنموية. بدأت 25-1- 2016، والذي شهد الإعلان الفعلي عن الرؤية، «الجزيرة» ترصد إنجازات الرؤية خلال هذه الفترة القصيرة، وما تخللها من استحداث لمجالس وهيئات ومراكز، وإصدار لأنظمة ساعدت بشكل فاعل في صناعة «السعودية الجديدة»، فقد بلغ عدد أبرز الأجهزة المستحدثة، والأنظمة، والمجالس نحو 61 جهازاً ونظاماً ومجلساً، توزعت على وزارات، وهيئات، ورئاسات، ومراكز، وصناديق، ومؤسسات، وجمعيات، ومكاتب، وأندية، من بينها (25) نظاماً جديدًا، تناولت الجوانب الاقتصادية، والاجتماعية، والزراعية والبيئية، والصحية. في حين كان نصيب المجالس واللجان المستحدثة (9) مجالس ولجان، في الجوانب الاقتصادية والتنموية، والبيئية، والاستثمارية، والتقنية والسياسية والأمنية، والاجتماعية، كما بلغ عدد أبرز البرامج أربعة برامج، ما بين برامج بيئية، تنموية، واجتماعية.
فالسعودية خلال (3) سنوات تغيرت ليس بنظام التحول التدرج إنما بنظام التغيير فالوزارة التي كانت الجهاز ثقيل الحركة خرجت منه أجهزة مستقلة ورشيقة وتملك المرونة وسرعة الحركة، لذا تغيرت ثقافة وفلسفة وآليات العمل الحكومي حتى أصبحت بعض أجهزة الدولة متفوقة على القطاع الخاص الذي كان يتفاخر بأنه يملك المرونة المالية والإدارية وسرعة الإنجاز، ورافق هذا التحول جيل من الكفاءات الشابة القدرة على نقل المعطيات الجديدة بصورة سريعة وأكثر مهنية وتقنية.
أمام هذه التغيرات بدأت قيادات وكوادر حكومية في الوزارات محسوبة على الثقافة المهنية السابقة تتراجع إلى صفوف التقاعد مفسحة المجال أمام جيل الرؤية السعودية طروحاته ومعالجاته وتفسيراته ورؤيته للعمل القادم.
إذن هذه هي السعودية الجديدة التي قادها الملك سلمان وراهن عليها ولي العهد محمد بن سلمان حفظهما الله وبدأنا نحصد ثمارها.