عبدالعزيز السماري
قد يكون من السهل إثارة الأسئلة، ولكن الأصعب أن تحصل على إجابة شافية ومفصلة. وقد أثرت مسبقًا أهمية الملف الطبي الموحد، وكان القرار السامي قد سبقنا جميعًا في إقرار البدء في توحيد أنظمة الملفات الطبية الإلكترونية في مختلف القطاعات الصحية، وقد كان -حسب وجهة نظري- أهم قرار استراتيجي في تاريخ تطوير الصحة في البلاد..
الغرض من المشروع المتقدم أن يوحد إجراءات العمل في المستشفيات والعيادات، وتوثيق وتوحيد آليات إجراءات العمل في سرعة الوصول إلى بيانات شاملة للمرضى في مختلف مواقع الرعاية الطبية العامة والخاصة، وسرعة الحصول على قواعد البيانات الداعمة لاتخاذ القرارات الطبية الصحيحة؛ وهو ما يعني أن نتعامل مع ملف طبي واحد لمختلف القطاعات، ومن خلال تقنية موحدة.
يطبق النظام الموحد على جميع المستشفيات والعيادات والمراكز المتخصصة في الوطن؛ وهو ما يضمن سِجلاً فرديًّا إلكترونيًّا موحدًا للمريض، ويشمل معلوماته الطبية كاملة، ويمكن الوصول إليها بسهولة بغض النظر عن المكان الذي يتلقى العلاج فيه. ويسهم تطبيق المشروع في تخفيض الأخطاء الطبية ورصدها، ويسهم في تخفيض ميزانية الصحة بنسبة كبيرة، وذلك من خلال توحيد الملف، ومنع التكرار، ووقف حالات التسوق بين المستشفيات؛ وهو ما يمنع هدر الأدوية وتكرار الفحوصات كلما انتقل المريض إلى مستشفى آخر. وكان الهدف أن تبدأ مراحل تنفيذ المشروع من خلال توحيد الملف الطبي، ثم نقل البيانات من النظام القديم إلى الجديد، ثم اختبار الأنظمة من البداية إلى النهاية.
لفت نظري خبر نُشر في جريدة الجزيرة صباح يوم السبت الماضي الموافق 27 إبريل 2019، يتحدث عن إطلاق مدينة الملك فهد الطبية أمس الأول مشروعًا لنظام الملف الطبي الإلكتروني (EPIC)، ووصف نظام ايبك بالمشروع الوطني المهم من أجل مواكبة واقع التحديث الذي يعيشه القطاع الصحي في المملكة حاليًا تحقيقًا لمتطلبات التحول الوطني 2020، ورؤية المملكة 2030. وتحدث الخبر عن أهمية الملف الطبي الموحد، وهو نظام يختلف تمامًا عن الأنظمة المطبَّقة في المستشفيات الأخرى، ويتواصل من خلال تقنية مختلفة.. وهذا على وجه التحديد هو العائق رقم واحد أمام الملف الطبي الموحد.
سبق هذا الخبر أخبار تتحدث عن إطلاق أنظمة إلكترونية مختلفة تقنيًّا للملف الصحي في المستشفيات الأخرى، وهو ما يخالف الهدف المعلن من قِبل الوزارة، ومع ما أصدره مجلس الصحة السعودي (SHC) من أن تأسيس المركز الوطني للمعلومات الصحية من أجل توحيد الملف الطبي عبر الربط التنظيمي للخدمات الصحية والمتصلة بشبكة إلكترونية من المعلومات الصحية مع الوزارة ومع مختلف الخدمات الطبية في الهيئات العسكرية والمستشفيات الجامعية وغيرها من القطاعات..
اختلاف مزودي خدمات الملف الطبي الإلكتروني في المستشفيات والقطاعات الصحية هو أكبر عائق أمام الملف الموحد، وهو ما تناولته أحدث التقارير الطبية حول هذه الخطوة الاستراتيجية في الخدمات الصحية الحديثة. وقد يكون هناك معلومات أو تفاصيل أجهلها. وكم أتمنى من الوزارة الإفصاح عن الاستراتيجية خلف توحيد الملف الطبي الموحد في مختلف مستشفيات وقطاعات الصحة العامة والخاصة. فقد يكون هناك استراتيجية أخرى في مهمة توحيد الملفات الطبية، ولو كانت تقوم على تقنيات مختلفة، وهو أمر يستعصي فهمه، لكن مع ذلك نحتاج إلى توضيح شامل من الجهة المسؤولة في الوزارة عن اختلاف برامج العمل عن الأهداف المعلنة، وسنكون لهم من الشاكرين.