زيجات تنتهي بعد عشرات السنين، وسيناريو يتكرر.. والسؤال: لماذا الأنانية والمغامرة في حياة قائمة بكل أطرافها؟.. على أن الحياة بعد مضي هذا الوقت يفترض أن تكون أكثر استقرارًا ودفئًا وتوازنًا.
لم تكن ظاهرة الطلاق متوقفة على الشباب، إنما عصفت بحياة «الشيبان». وأعلم أن هذه الكلمة ستُغضب الكثير، لكنها حقيقة، يرفضون الاعتراف بها؛ فيرى الرجل أنه لمجرد أنه يمتلك إمكانيات الزواج من المال فهو ما زال شابًّا!!
العبث بالحياة الزوجية في نهاية مراحل الزواج لمن يريد فقط أن يحلم ويطرب نفسه دون عذر شرعي قرار مؤلم للمرأة.
وعندما يُسأل لماذا الزواج مرة أخرى؟ ماذا بعد هذا العمر؟ تأتي الردود قاصفة!
لم أرتَح معها، لم أحبها، لم أكن راضيًا عن حياتي معها، لم أقتنع بزواجي بها، أهلي أجبروني على الزواج منها، لم تعد تهتم بنفسها، لا تسمع كلامي.. كأنك تناقش شابًّا في العشرينيات!
يا رجل، هذه أعذار واهية؟! أنت فقط تحلم بحياة الشباب، تخشى تقدُّم العمر، وتحلم بصبية.. وبعض الأحلام خطيئة!
هل أصبحت الآن أكثر جراءة وقوة لتتخذ قرار استحالة العيش مع زوجتك؟ ألم يكن من الأولى اتخاذ هذا القرار في ريعان شبابك؟ هل العادات والتقاليد والمجتمع والأسرة لها دور في صمت استمر سنوات؟! ليأتي طفل خلف طفل، وتكتمل الحياة في الأسرة من الأولاد؟! وكلٌّ يمضي في مستقبله، وعوضًا عن أن تكون لهم الأمان، ولرفيقة دربك السند والدفء، تُخرجها من حياتك بطيش الشيبان؛ لتُدخل على شيخوختك شباب العشرينية!
أنت لم تقضِ على أحلام زوجة رغبت في استكمال الحياة معك؛ لتنظرا سوية لأبنائكما وقد حققوا أمنياتهم وأمنياتكما، أنت فتحتَ بيتًا آخر، ينتظر منك الكثير: زوجة تصغرك، تريد أن تحيا وتحب، ومشاريع لأطفال جدد..
اسأل نفسك بهذا العمر: هل أنت قادر على المضي بهذه الأسرة نحو الأمان محققًا الاكتفاء النفسي والمعنوي والتربوي؟؟
كتبتُ مقالاً سابقًا «لا تغضبي من رجل الخمسين حين يحدثك عن فتاة العشرين» كان رسالة للمرأة بأن كوني بالقرب منه؛ فهو بحاجة إليك الآن أكثر.. حاوري، شاغبي، تحدثي، لا تصمتي.. كوني حاضرة بروح الطفلة؛ فالمرأة تظل طفلة مهما كبرت، والرجل يعشق الطفولة.. جددي حياتك، أشعريه بأنه ما زال ذلك الشاب. نحتاج أحيان إلى بعض الأكاذيب في حياتنا؛ لنتقن منح هرمون السعادة.
كانت رسالة لصالح بعض الأزواج العاشقين لحياتهم الزوجية، فقط يحتاجون إلى تجديد للحياة بترجمة أكثر لأبجديات الحب والاحتواء والحنان.
المرأة مكون رئيس بالأسرة، إذا شعرت بأن هناك خطرًا يقترب منها اختل التوازن في جميع أرجاء البيت. أخبرها بما تريد، اقضِ معها وقتًا أطول، افتح حوار احتياجاتك، اخرج معها بعيدًا، شجعها على التغيير، على الانطلاق برفقتك من جديد، اخلق معها تفاصيل تنقلكما لعالم من الحياة والحب، لا تعلق لوم التغيير فقط عليها.
وقفة لما خلف الأبواب:
الأغلبية في العلاقات الزوجية - بدون الدخول في النِّسَب التي ربما تكون مرعبة - استمرت بدون محبة. «العشرة» هي الحاضرة كما يتناقله الكثير من الرجال والنساء حين تكون أحاديث البوح «في مجالس القهوة».
أما عن المحبة في الأصل فهي تأتي بتوافق فكري، وتقارب عاطفي، واحترام، واهتمام..
ما يتكرر ونسمع عنه كثيرًا - وهو سبب أزمة أغلبية البيوت - اختلاف ثقافة الزوجين لاختلاف الاهتمامات لغياب الوعي العاطفي، وحاجة كلا الطرفين له، وجفاف لغة الحديث من أحدهما أو كليهما، وغياب التوافق التعليمي والثقافي والفكري.
المثقف، سواء رجلاً أو امرأة، معاناته تكمن في غياب لغة الحوار؛ إذ إن المثقف يحتاج إلى شخص يحاوره لفكر يتوافق معه، فلا يجده في رفيقه..
أخيرًا:
الحياة ما زلت جميلة، لا تفرطوا برفقائكم، احتضنوهم، كونوا معهم، ساعدوهم على الانطلاق للتغيير، اقتربوا منهم، تغاضوا عن زلاتهم، أخلصوا لهم، أبدعوا في صنع تفاصيل أيامكم، واستمتعوا بقضاء الوقت معًا، اهتموا بهم ثلاثًا؛ فالاهتمام حكاية من حكايا الحب، واحترموا ذواتهم؛ فالاحترام سيد العلاقات.