قسم الله الأرزاق بين عباده، قسمها كيفما يشاء، جعل من البشر الفقراء وجعل منهم الأغنياء وهم درجاتٌ في ذلك، إن جري الإنسان الحثيث الذي يتمثل في البحث عن المال من أجل السعادة والرفاهية وهو حقيقة بقصد التملك، فطرة الله التي فطر الناس عليها، يودُ ابن آدم الحصول على كل جميل ورفض كل قبيح يواجهه في حياته حيث إنها أقدار، ونحن في دواخلنا منا من يحمل الرضا ومنا من يحمل السخط والحسد اعتقاداً أنه هو من يستحق الأفضل دائماً وأبداً، وأعتقد أن هذا الصنف قليل منهم من يخبئ مشاعره ومنه من يظهرها، كل هذه الصفات لا تظهر فجأةً إنما هي تربية، منذ الطفولة رُبي على الرضا والشكر على القليل والكثير، ومنهم من رُبي على السخط والجري تباعاً في قطع الأرزاق، إن كل صنف من هؤلاء يحمل معتقدات وأفكارا تنم عن تربية فتظهر في السلوك تِباعاً، هناك من البشر من تعلو لديه النفس اللوامة بشكلٍ مستمر فتلومه نفسه على الحسد والبغض وتسأله لما السخط! والله قدر لك أقداراً جميلة غيرَ هذا الشيء! فيتوازن ما بين وبين لا حقد أو حسد يظهر، وقد يؤدي ذلك التأنيب إلى اضمحلال الصفات السيئة شيئاً فشيئاً، أما السكوت عنها يؤدي إلى ديمومتها، فتنتشر رويداً في المجتمع، في المقابل هناك من تظهر عليه صفات البغض والحسد والضغينة حيث يرفض كل الأقدار الجميلة حتى لأقرب الناس له، إن الحسود يحرق نفسه كما تحرق النار الحطب، فكل البشر فيهم السيء وفيهم الطيب، لكن على الإنسان السعي وهو أمر واجب إلى ترويض النفس كما يروض الفارس الجواد، وقِس على هذا كل الصفات، تربية النفس مهارة وشجاعة وجهاد، فسعيك إلى كل ما هو جميل في صفاتك ونيتك الطيبة هي من تُجمل شكلك الخارجي والداخلي، فالجمالُ لا يقتصر على الوجه والجسم فقط! بل أنه أيضاً في شخصيتك التي تظهر لمن يعرفك، كما أن ديننا الحنيف أمرنا بحسن الخلق الذي يظهر للعيان بعد تهذيب النفس وتربيتها، وإنك إذ تُساهم في نشر ثقافة الأخلاق حيث يتعلم الإنسان بالمحاكاةِ والتقليد، وبالخلق الحسن تعلو قيمة الإنسان.
عن أبي ذَرٍّ جُنْدُبِ بْنِ جُنَادةَ، وأبي عبْدِالرَّحْمنِ مُعاذِ بْنِ جبلٍ رضيَ اللَّه عنهما، عنْ رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: (اتَّقِ اللَّهَ حَيْثُمَا كُنْتَ وأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْحسنةَ تَمْحُهَا، وخَالقِ النَّاسَ بخُلُقٍ حَسَنٍ) رواهُ التِّرْمذيُّ وقال: حديثٌ حسن.