من المصطلحات الدارجة في مجتمعاتنا الشبابية وترمز إلى أن لا تحمّل الأمور فوق طاقتها نقداً وتفكيراً ودع الأمور تمضي بسلاسة وارتياح نفسي، والحقيقة أن هذه العبارة رغم سياقها العابر في ثنايا المحادثات إلا أنها قد تعبّر عن مهارة نفسية تعد من أكبر المهارات التي تساعد الإنسان بأن يصنع أرضية نفسية تساعده دائماً على الارتقاء في جميع جوانب الحياة المختلفة.
تجد موقفاً ما قد يحدث لأكثر من شخص وتختلف تفاعلاتهم مع هذا الموقف بين التسليم والمضي قدماً وبين العيش معه فترات زمنية طويلة وبين الانهيارات النفسية التي تمنع الحركة والتقدّم وفي أحيان أخرى التراجع في وصفة الإنجاز والمسؤوليات، وكثير من الأحيان يعود هذا الأمر إلى عدم وجود قاعدة «كبّر راسك» والعيش في رواسب المواقف النفسية.
ليست وصفة سهلة بأن يكون الإنسان قادراً على صبغ جميع المواقف التي ذات كدر بالترحيل والانفصال من مشاعر تلك المواقف والتي قد عبّر عنها الصحابي الجليل عبدالله بن عمر رضي الله عنهما بتلك الكلمات المعبّرة (هي التي لا نطيق) ويقصد بها فعل الصحابي الذي أخبر عنه الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث المشهور بأنه من أهل الجنة ثلاثة أيام متتالية بسبب أنه لا يجد في نفسه لأحد المسلمين غشاً، ولا حسداً على خير أعطاه الله لأحد، وهي وصفة نفسية عظيمة فيها ضمانة لخيري الدنيا والآخرة.
«كبّر راسك» عندما تجد نفسك في مسار سلبي لأن الانخراط في هذا الطريق حتماً سيزيد من آثاره وانعكاساته عليك.
«كبّر راسك» عندما لا تحصل على ما تريد أو تخطِّط له فليس كل المرادات متحققة وما لم يتحقق قد يؤثِّر سلباً على ما قد تم تحقيقه.
«كبّر راسك» قبل وقوع المشاكل وأثناء التفاعل معها، بل أسعى قدر استطاعتك إلى النظر بزاوية مختلفة لهذه المشكلة من حيث أثرها في تقويم الشخصية وتوجيهها للترقي الإنساني، وأن هناك فرصاً تحسينية مثالية دائماً عندما يكون هناك مشاكل وتحديات.
«كبّر راسك» بأن لا تلقي بالاً للأمور التافه التي قد تحيط بك في يومك، واحرص على الخروج السريع من أي دائرة اهتمام تافهة سلبية تريد أن يكتمل محيطها بك.
«كبّر راسك» باستحداث تبريرات ولو كانت خيالية لمواقف الآخرين السلبية؛ لأن هذه التبريرات ستكون حجر زاوية لاستقرار هدوئك النفسي وسلامة الصدر ورفع جودة الحياة.
«كبّر راسك» من خلال أن تعيش هنا والآن والقيام بواجب اللحظة والاستمتاع بها دون العيش في تجارب الماضي إلا من خلال الاستفادة منها أو التعلّق بالمستقبل إلا ما كان رسم لتوجه أو خطة.
«كبّر راسك» عندما تجد نفسك قريباً من وحل مثيرات الغضب، أضمن لك إذا ابتعدت عن ذلك الوحل وكبّرت راسك لن تغضب ما حييت إلا أن يشاء الله.
«كبر راسك» إذا تعثرت يوماً ولا تبقى مقيداً بأغلال تلك العثرات، وحاول أن تعاضد روحك ونفسك في كيفية الوقوف مجدداً والمضي قُدماً.
«كبّر راسك» عندما تطلب الإنصاف من الآخرين فليست الظروف والأشخاص معادلة موزونة دائماً كما تتوقّع، هي هكذا.
«كبّر رأسك» من كل شأن قد يرديك طريح الحزن أو القلق، وإذا وجدت نفسك محاطاً بهذه الظروف أبحث جاهداً عن أقرب مخرج طوارئ يضعك في سعه من الأمن النفسي.
عندما تفعّل شعار «كبّر راسك» ستجد مساحات هائلة من السعادة والإنجاز والمحبة تشكلت معالمها لديك وتكبر يوماً بعد آخر .
هكذا أعتقد.