محمد آل الشيخ
مرة بعد الأخرى يثبت الرئيس الأمريكي ترامب أنه إذا قال فعل؛ يوم الاثنين الماضي أعلن وزير خارجيته السيد بومبيو أن الاستثناءات الممنوحة للدول الثماني لاستيراد النفط الإيراني قد انتهت، وأن العمل لحصار النفط إلى أن يصل إلى الصفر سيتم تطبيقه في الموعد المقرر سلفاً، وهذا يعني أن الخناق يزداد يوماً بعد يوم، وأن التصريحات العنترية، بل والدنكشوتية، لم تنفع، ولن تنفع، فهذا الرئيس ليس ضعيفاً جباناً رعديدا مثل سلفه الرئيس أوباما.. وكان يجب على خامنئي وبقية العمائم المتحلقة عليه أن يدركوا ذلك، غير أن الكهنوتيين، من أي ملة ومذهب، دائماً ما يتوهمون أن معجزة ستسعفهم، وتنقذهم من الورطة التي وجدوا أنفسهم فيها.
الآن ليس أمام ملالي إيران إلا العودة للحقيقة، والتعامل مع الواقع كما هو وليس كما ينبغي أن يكون.. ترامب خرج من تحقيقات مولر التي يعولون عليها ويعول أيضاً عليها الأتراك والقطريون، أقوى من ذي قبل، وبقيت من فترة رئاسته سنتان، وكل المؤشرات تؤكد أن فترة ثانية سيفوز بها.. والسؤال: هل يستطيع الملالي واقتصاد إيران المتهالك الصمود في وجه هذه العقوبات السنوات الست المقبلة؟.
أنا أتمنى أن يصر الإيرانيون على موقفهم، وأن يتضوّر الإيرانيون جوعاً وفقراً وعوزاً لعلهم يقلبون عاليها على سافلها، فإيران هي العدو الأول لنا بلا منازع، وسقوطها، أو على الأقل تقليم أظافرها، سيجعل المنطقة أكثر أمناً واستقراراً، كما سيحرم الإرهاب والإرهابيين أحد أهم مموليهم، والحضن الدافئ الذي يحقق لهم الحماية والملاذ الآمن.
كما أكد لي أحد الأصدقاء العراقيين أن ضعف إيران، وإذعانها للشروط الأمريكية، ليس مطلباً للمملكة والخليج فحسب، وإنما مطلب يشمل أغلبية أهل العراق شيعةً وسنّةً، ناهيك عن الأكراد.. فملالي الفرس، يطمحون أن يبنوا إمبراطورية فارسية صفوية في المنطقة، تدور في فلكها كل دول الجوار، لذلك فهي تسعى بكل قوة لإبقاء العراق مضطرباً أمنياً واقتصادياً، ولن يصلح حال العراق، ويبقى دولة مستقلة، حتى تكف إيران عن التدخل في شئونه الداخلية، والتحكم في الميليشيات الشيعية، التي لا يُخفي قادتها ولاءهم لإيران، بل وللحرس الثوري على وجه الخصوص.
الولايات المتحدة -كما يعلن سياسيوها- لا تهدف لإسقاط إيران وإنما الضغط عليها لترك أحلامها الإمبراطورية، والانضمام إلى دول المجتمع الدولي، لكن الإيرانيين ما زالوا يعيشون في تلافيف التاريخ، كغيرهم من الكهنوتيين، ويصرون أن بإمكانهم إعادة عقارب الساعة إلى الوراء، وإحياء إمبراطورية كسرى أنوشروان، بعمامة شيعية صفوية، ولأن التاريخ لا يعيد نفسه كما يردد الرومانسيون، فإن هذه الطموحات لا يمكن أن تعرف التحقيق، فعالم اليوم ليس كعالم الأمس، وظروف اليوم ليست كظروف الأمس، وشروط بقاء الدول ليست كشروط الأمس، لذلك كله فليس أمام الملالي إلا الإذعان للواقع أو الفناء الأكيد.
إلى اللقاء،،،