«الجزيرة» - واس:
افتتح معالي وزير العمل والتنمية الاجتماعية المهندس أحمد بن سليمان الراجحي في العاصمة الرياض أمس مؤتمر دور المرأة السعودية في التنمية «نحو مجتمع حيوي»، بتنظيم من المرصد الوطني للمرأة في جامعة الملك سعود، والهيئة العامة للإحصاء، ومؤسسة «الوليد للإنسانية» وبمشاركة من هيئة الأمم المتحدة للمرأة، الذي يتضمن إطلاق مؤشرات المرصد الوطني للمرأة إحدى الأدوات الداعمة لقياس مشاركة المرأة السعودية في التنمية بشكل دوري وإحدى أهم أدوات تطوير الاستراتيجيات المتعلقة بالمرأة في المملكة لتأكيد دور المرأة السعودية في التنمية نحو مجتمع حيوي.
وتأتي هذه المؤشرات استكمالاً لما جرى بناءه من مؤشرات في المرصد الوطني للمرأة مع بداية انطلاقة المرصد قبل أكثر من عام. ويتكون المؤشر الذي جرى إطلاقه أمس على (56 متغيراً) موزعة على خمسة محاور رئيسة: المحور التعليمي الداعم لمستقبل الأجيال، والمحور الصحي المعني برعاية ووقاية المجتمع من الضرر، والمحور التنظيمي الداعم لإحراز التقدم، المحور الاقتصادي للريادة المالية والصناعية والاقتصادية في المملكة، إضافة إلى المحور الخامس الذي جرى إضافته وهو المحور الاجتماعي الذي يندرج تحته مؤشر مشاركة المرأة في التنمية. وأكدَّ معالي وزير العمل والتنمية الاجتماعية في افتتاح المؤتمر أنَّ رؤيةُ المملكة 2030 وَضَعت معالم الطريقِ وحددَتْ المستهدفاتِ الوطنيةَ الَّتي تجعلُ المرأةَ شريكاً حقيقياً فاعِلاً في تنمية بلادِنِا، ووضعتُ البرامجَ والمبادرات التنفيذيةَ الَّتي سوفَ تحوِّل ما نتطلعُ إليه إلى إنجازاتٍ حقيقةٍ، نراها ونجني ثمارَهَا. وأضاف أنَّ ما يتم العمل عليه لتمكينِ المرأةِ في بلادِنِا ينبعُ مِن قناعتِنِا الَّتي نستمدُها من تعاليمِ دينِنِا الَّذي يضعُ حقوقَ المرأةِ ومصالحها وحمايتها النفسية والاجتماعية في أولوياتِ السياسةِ الشرعيةِ، ومُنذُ تأسيسِ بلادِنِا وانطلاقتها الحديثة، يتواصلُ الاهتمامُ الحكومي بحقوقِ المرأةِ الأساسيةِ واحتياجاتِهِا، ولتحقيق هذا التوجُّهِ تمَّ تصميمُ برامجِ تمكينِ المرأةِ، بالذاتِ في التعليمِ والعملِ، والحمدُ للهِ أنَّ المرأةَ السعوديةَ تتميَّزُ وتتفوَّقُ الآنَ في العملِ وفي التحصيلِ العلميِ، كما نَرى مشاركتَهَا في الأبحاثِ العلميةِ المُتميَّزةِ، محلَّياً وعالمياً، ونجاحَهَا في قطاعِ الأعمالِ، وفي قيادةِ الشركاتِ والبنوكِ، وفِي قيادةِ الجمعياتِ غيرِ الربحيةِ.
من جهته، أوضح معالي رئيس الهيئة العامة للإحصاء الدكتور فهد بن سليمان التخيفي أنَّ الأمم المتحدة أقرتْ الأهداف الإنمائية للألفية حتى العام 2015 (8 أهداف)، وقامت العديد من الدول بإعداد التقارير اللازمة لقياس المتحقق من تلك الأهداف بالاستناد على ما جرى إصداره من مؤشرات إحصائية رسمية سواء التي أصدرتها الأجهزة الإحصائية الرسمية أو ما تصدره الأجهزة الحكومية من إحصاءات في سجلاتها أو الإحصاءات التي تصدرها المنظمات الدولية، وخضعت تلك التجربة للتقييم والتطوير.
وقامت اللجان وفرق العمل بالبدء بأهداف جديدة للتنمية المستدامة حتى العام 2030 بلغت (17 هدفاً) وكانت المملكة من الدول السباقة للتعامل مع أهداف التنمية المستدامة، حيث تمت حوكمة العمل على أهداف التنمية المستدامة من قبل وزارة الاقتصاد والتخطيط بصفتها الجهة المسؤولة عن ملف التنمية المستدامة، والهيئة العامة للإحصاء كجهة مسؤولة عن بناء المؤشرات الإحصائية، إضافة إلى الوزارات والهيئات والمؤسسات الحكومية في التخطيط والتنفيذ للأهداف بحسب طبيعة أعمال تلك الوزارات. وجرى اعتبار أهداف التنمية المستدامة ضمن الاستراتيجية الوطنية للتنمية الإحصائية، والاستراتيجيات الأخرى المتعلقة بالأسرة والمرأة والطفولة، وكنتيجة لهذه الجهود قدمت المملكة التقرير الطوعي - ضمن دول محدودة - في الأمم المتحدة بالعام الماضي.
وأكد الدكتور التخيفي أنَّ نموذج المرصد الوطني للمرأة والشراكة الثلاثية بين الهيئة، والمرصد الوطني للمرأة بجامعة الملك سعود ومؤسسة الوليد الإنسانية للدراسة المسحية التي شملت 15 ألف أسرة موزعة على مناطق المملكة كافة، وأعمال هذا المؤتمر، أحد نماذج العمل الإداري السعودي التنموي التي تؤكد أنَّ الشراكة بين مختلف الجهات هي الطريق لتجاوز أية تحديات ولتحقيق الأهداف المنشودة.
من جهته، أوضح المدير الإقليمي لهيئة الأمم المتحدة للمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة في منطقتي الدول العربية وآسيا والمحيط الهادئ محمد الناصري أنَّ الانطباعات المغلوطة عن المرأة في الخليج، والمملكة بصفة خاصة قد سيطرتْ على الساحة الإعلامية الغربية، وأسهم الإعلام العالمي بشكل كبير في بلورة تلك الانطباعات بناءً على تحليلات أقل ما يمكن أن توصف به بأنها «سطحية». وأثنى على جهود حكومة المملكة المبذولة في تفعيل دور المرأة في التنمية وإشراكها في المجالات كافة، مؤكداً أن نتائج المؤشر الذي تتبناه الثلاث جهات (المرصد، والهيئة العامة للإحصاء، ومؤسسة الوليد الإنسانية) يعكس واقع المرأة السعودية ومشاركتها في التنمية، ويظهر تطوراً وتقدمًا ملحوظاً خاصة في مجالي التعليم والصحة.
من جهتها، أكدت صاحبة السمو الملكي الأميرة لمياء بنت ماجد الأمين العام لمؤسسة الوليد الإنسانية أن مؤشر تنمية المرأة، الذي يُعد الأول من نوعه يأتي تتويجاً لجهود المرأة السعودية التي أسهمت بشكل رئيس في المجالات والقطاعات كافة.
وأضافت سموها أنَّ البيانات التي تضمنها المؤشر ستساعد على إطلاق المبادرات والبرامج الهادفة إلى تحديد معيقات التمكين الاقتصادي والاجتماعي التي تواجهها النساء في المملكة، وتعزيز التعاون مع الشركاء المحليين والعالميين من أجل رفع الكفاءة في التعامل مع هذه المعيقات وتجاوزها، مع إتاحة إمكانية قياس مدى التقدم المحرز وتأثير المبادرات.
وأوضحت أن النتائج اعتمدت على ثلاثة أسس رئيسة في مقدمتها العمل على جمع أدلة قوية حول واقعنا الحالي ووجهتنا التالية، التي سترشدنا إلى كيفية التقدم للوصول إلى الفئات المستهدفة في المكان والزمان المناسبين، وثانيها الشفافية، فمنذ انطلاقة هذه المبادرة ونحن حريصون على مشاركة القصص الحقيقية للنساء في المملكة، ومناقشتها بشكل واضح وصريح كي ننجح في تحقيق التقدّم المنشود، حيث لا يمكننا اتخاذ خطوات فاعلة دون أن نفهم الصورة الكاملة، أما ثالثها الشراكة التي انطلقت من أهمية التعاون بين المؤسسات المناسبة لبلوغ النتائج التي تحقّق التغيير المطلوب، وهي مهمة لا يمكن أن تتحقق دون تشاركية فاعلة بين كافة الأطراف ذات العلاقة.
من جهة أخرى، أكد وكيل جامعة الملك سعود الأستاذ الدكتور يوسف عبده عسيري أنَّ المرصد الوطني لمشاركة المرأة في التنمية هو منصة زاخرة استقطبت مختصين من ذوي الخبرة في شؤون المرأة، ويعمل ويرصد عن كثب مشاركة المرأة، ويزود أصحاب القرار والجهات المختصة بالنتائج والمؤشرات القاسية والإحصاءات وقواعد المعلومات، بما يشكل رافدا لا استغناء عنه في مجال البحث الاجتماعي والمشاريع التنموية وكل ما يتعلق بالأسرة والمجتمع من تشريعات ومؤسسات ومبادرات.
وأفاد أن تأسيسه جاء متماشياً مع ما في رؤية 2030 من مناخ مساعد للأبحاث الإنسانية ومفعل لدورها التنموي وصبغتها الاستشارية فأصبح منارة من منارات المؤسسات البحثية التي تشتمل عليها جامعة الملك سعود التي حققت في مدة قصيرة إشعاعاً علميا فضلاً عن الجهود الفعالة والحضور الإيجابي الذي يمثل هذا المؤتمر أحد لبناته.
وأشار إلى أن جامعة الملك سعود أعلنت خلال افتتاح المؤتمر عن تدشين الموقع الإلكتروني الجديد للمرصد الوطني للمرأة الذي يوفر منصة تفاعلية للباحثين تسمح بتعديل المعادلات لحساب علاقات محددة بين الخمسة محاور في مؤشر مشاركة المرأة في التنمية، أو تحديد الفئات المختلفة، كحساب مشاركة المرأة التنمية حسب الفئة العمرية، أو حسب المستوى التعليمي، أو حسب المنطقة الإدارية.
يذكر أن الدراسة التي جرى إطلاق نتائجها أمس في مؤتمر دور المرأة في التنمية «نحو مجتمع حيوي» تجمع بيانات جرى توفيرها من قبل الهيئة العامة للإحصاء من خلال المسوح الميدانية، وجرى تحليلها من قبل المرصد الوطني للمرأة باستخدام منهجية وأدوات بحثية، وتركز النتائج على المقاييس الرئيسية في الدراسات الدولية المرتبطة بالرجال والنساء: الصحة، التعليم، الفرص الاقتصادية، والهيكلية التنظيمية، والبيئة الاجتماعية وفي كل واحدة من هذه الركائز الخمس، تقيّم الدراسة عدداً من المتغيرات يتراوح بين 8 و20 متغيراً.
واشتمل المؤتمر على جلستين رئيستين، وثلاث جلسات محلية شارك فيها عدد من الخبراء والمسؤولين، حيث تناولت الجلسة الأولى «التشريعات الأساسية الضامنة لمشاركة المرأة في التنمية» تضمنت محاورها: التشريعات الضامنة لإدماج المرأة في القضاء العام، والأطر التشريعية في مجال الأحوال الشخصية، والأطر التشريعية لحماية المرأة، ودور النيابة في تعزيز الثقافة الحقوقية بقضايا المرأة، وحق المرأة في الرعاية الصحية المتكاملة. فيما تناولت الجلسة الثانية «رأس المال الاجتماعي ودوره في تعزيز مشاركة المرأة في التنمية»، وتضمن محاورها: رأس المال الاجتماعي المنهج الحديث للتنمية، الأصول والموارد الاجتماعية في العمل التطوعي، التنمية المستدامة ما بين الثقة المجتمعية والعلاقات التبادلية، والمحور الاجتماعي في «مؤشر مشاركة المرأة في التنمية».
أما جلسات الطاولة المستديرة المحلية فقد تناولت الجلسة الأولى منها الاستراتيجيات والتطلعات المستقبلية للمرأة السعودية، والجلسة الثانية جاءت بعنوان مشاركة المرأة في التنمية من منظور عالمي، بينما خصصت الجلسة الثالثة عن نماذج من مشاركة المرأة في التنمية.