مها محمد الشريف
يبدو أن إنسان اليوم يسير في اتجاهات مختلفة، تتجلى فيها الأهمية التقليدية التي تسمح بفتح نقاش أساسي، يدور حول العلاقة بين مخرجات التعليم وواقع سوق العمل؛ فهناك حقبة من الانغلاق تقنن المعطيات، وتعطل طريقة وصولها. أما الحاضر اليوم فهو ثري بالمعطيات والخيارات التي أضافت لها التقنية مساحة كبيرة من المحاولات الفكرية التي تثري العقول بالكثير من الفرص، حتى أصبحت التصورات تسير عبر قنوات جاهزة للتسليم بها، من تجارب وأفعال وأقوال، وفضاء مشترك غير متكافئ للتسليم بشروطه وواجباته وقضاياه وتكاليفه وأقداره.. ويستفاد من هذا التمييز بين أفكار الماضي وأفكار الحاضر بأنها تدور حول نظام زمني محدود، يرتبط كلاهما بالمستقبل.
من هنا تكون التحديات كبيرة بداية من المنافسة إلى صعوبة التمويل والرغبة والتأهيل والتدريب.. فهناك أنظمة وتشريعات معطلة لبدء المشاريع، ولكن الخدمة التي أطلقتها وزارة العمل والتنمية الاجتماعية بـ22 خدمة تهدف إلى تعزيز التحول الرقمي، ومن ثم فهي تبذل جهدًا من أجل الاستمرار في رفع مستوى الأفكار ومزايا الحياة العملية والاستثمارية.. ولكي تتحقق القدرة على المشاركة في تدبير الشأن العام لا بد من سهولة إنجاز الخدمات لعملاء الوزارة، وتحسين تجارب المستفيدين؛ لتسهم في خدمة المجتمع بشكل أفضل، وتكوين ثقافة العمل الخاص للفرد.
في الوقت الذي تسعى فيه الوزارة إلى مضاعفة عدد الخدمات المقدمة على المنصة نتساءل عن دور الجهات التنموية لتوليد فرص عمل لمهندسين وأطباء صيادلة عاطلين، تحولت قدراتهم المعزولة إلى بطالة مختلفة عن مفهوم البطالة بشكل عام. وقد يحفظ التعديل في سوق العمل إيجاد حلول لهم.. والأمر هنا قديم، واستقدام مهندسين وأطباء أجانب ضاعف هذه المشكلة.
في هذا الجانب نشيد بتوطين الاتصالات ومحال الإلكترونيات، ونطمح إلى توطين تجارة المواد الطبية بعد سيطرة طويلة من الأجانب، امتدت 30 عامًا في سوق العمل، ويجب اليوم استعادة هذه القطاعات من الأجانب للقضاء على التستر التجاري، والاستثمار فيها مهما كان حجم الركود الاقتصادي أو النمو الاقتصادي؛ إذ لا بد أن يكون للسعودة مركز ثابت في سوق العمل.
لا نختلف في أن الخدمات التي تقدمها وزارة العمل لاستعادة دفة الاقتصاد مهمة جدًّا؛ إذ تعتبر السعودية ثاني أكبر بلد في العالم بعد أمريكا في تحويلات الأجانب الرسمية، وهذه النسبة كبيرة جدًّا؛ ويجب العمل على توطين الأعمال لكي ينخفض عدد الأجانب إلى نسبة 20 % بالنسبة لعدد السكان، ونتأمل خيرًا بعد تدشين منصة «قوى» المتكاملة بمضاعفة عدد الخدمات المقدمة على المنصة في وقت قياسي.
إنَّ هذه الشراكات والاتفاقيات لتوطين أكثر من 561 ألف فرصة وظيفية حتى عام 2023م تسهِّل الوصول إلى التبادلات الخاصة.. والأعداد الداخلة للسوق تتجاوز 45 ألف سعودي وسعودية في مختلف القطاعات التي تم توطينها، ويمكنها تحقيق الهدف حول أعداد المنشآت الجديدة التي بلغت 133 ألف منشأة؛ ليدرك الجميع أن الجهود المبذولة تستعد لمرحلة مقبلة، تتناغم مع رؤية 2030، وستكون ضرورية للغاية.