رواية ظل الريح تأليف كارلوس زافون وترجمة معاوية عبدالحميد تطرح عدة أسئلة منها.. أليس الأدب ما يبقى بعد زحف النسيان على كل شيء؟.. هل قبرت الكتب فعلاً وأخذتها الرحى، أم لا خيار لنا غير تعقب ظل الريح؟.
وفي جزء من الرواية يقول المؤلف: لن أنسى أبداً ذلك الصباح الذي اقتادني والدي إلى مقبرة الكتب المنسية..
حدث الأمر في أوائل صيف عام 1945م كنا نمشي في شوارع برشلونة التي ادلهمت فوقها سماوات من رماد وانصبت الشمس من بين الضباب على حي رامبلا.
ما أن وضعت الحرب الأهلية أوزارها حتى اجتاحت الكوليرا البلاد وسلبت منا والدتي.. دفناها تحت وابل من المطر. بعد ستة أعوام ما زال غيابها حاضراً بقوة.
كنا أنا ووالدي نسكن في شقة صغيرة فوق مكتبة جدي المتخصصة في بيع الكتب النادرة والمستعملة.
كانت المكتبة أشبه ببازار سحري.. كان أبي يكرر دائماً: لقد نشأت بين الكتب وبصحبة أصدقاء خياليين يسكنون صفحات الكتب الذابلة ذات الرائحة الاستثنائية.. تجولت في تلك المتاهة واستنشقت عبق الصفحات القديمة والسحر والغبار لنصف ساعة وتركت يدي تلامس ظهر الكتب المرتبة في صفوف طويلة.. رأيت كلمات في لغات أعرفها وأخرى لم أستطع أن أميزها.. بين عناوين باتت لا تقرأ وأخرى بهت حبرها.