د.عبدالعزيز العمر
أنا لست متخصصاً في الاقتصاد، لكنني سأتناول الاقتصاد في هذه المقالة لغرض تقريب وتبسيط القضية التربوية، وذلك من خلال مقابلتها بالقضية الاقتصادية.
إن المتأمل في التاريخ الاقتصادي يجد أن العالم مر بأزمات وكوارث اقتصادية عديدة، نذكر منها على سبيل المثال الأزمة الاقتصادية العالمية التي حدثت عام 1929، وكذلك الأزمة الاقتصادية التي حدثت عام 2008.
عندما تحدث الكارثة أو الأزمة الاقتصادية فإنها تترك آثاراً مدمرة على حياة الناس وعلى معيشتهم، كما أنها تتسبب في فقدان الناس لوظائفهم، وفي تزايد حالات الفقر بينهم. التاريخ يقول إنه عندما تحدث الأزمات أو الكوارث الاقتصادية فإن السياسيين والقيادات الفكرية والاقتصادية في العالم المتقدم يتنادون ويبذلون كل الجهود الممكنة من أجل البحث عن مخارج من الأزمة الاقتصادية تعيد إلى الاقتصاد عافيته.
وفي الغالب يتعافى الاقتصاد سريعاً ويخرج من أزمته بفضل إصرار ورغبة القيادات والمهتمون بالشأن الاقتصادي في معالجة الأزمة الاقتصادية. لكن في المقابل ماذا عن الأزمات التربوية؟ هل يستشعرها الناس في دول العالم الثالث عندما تحدث؟ وهل يدركون أثرها المدمر على التنمية الوطنية وعلى الاقتصاد نفسه؟ في الغالب لا. أما الأمم المتقدمة فإن لديها من الميكانيزمات ومن الأدوات وأجهزة الرصد ما يمكنها من كشف الأزمة التربوية فور وقوعها، ومن ثم يعملون جادين على تجاوز تلك الأزمة التربوية، تماماً كما يفعلون عندما يواجهون الأزمة الاقتصادية، أما في دول العالم الثالث فإن الأزمات التربوية تضرب أطنابها وتنخر في جسد الدولة سنين عديدة لتعيدها إلى عالم التخلف دون أن يتم اكتشاف تلك الأزمات التربوية ومعالجتها.