ناصر الصِرامي
كيف تطورت حالتنا مع المعلومات، مع تلقي الأشياء من حولنا بصور مختلفة؟!، هناك تحولات مثيرة في السلوك البشرى، قد لا نفطن لها في حينها، إلا مع الوقت وبعض التفكير والاستنتاج!
نتذكر بعض البدايات البسيطة، والتي كانت مذهلة في حينها، قبل أن تحولها التطورات المتسارعة إلى ذكريات فقيرة، ويراها البعض الآخر أنها كانت وستكون فقيرة وفقيرة جداً، في ظل ما تقدمه لنا التقنية كل يوم من أدوات نستخدمها في العيش بشكل أسهل وأفضل!
بعض من عاشوا بداية انتشار الإنترنت، وتحديداً لصفحات الويب، يتذكرون مساحات الدردشة الأولى، المنتديات، حيث كان التفوق وقتها يحسب بالتعليقات المباشرة، بل وطول تلك التعليقات المشاركة، والتفاعل، بل ونجاح أي موضوع يعود إلى عدد وطول التعليقات وما يحدثك من جدل وصخب، لم تكن المشاهدة أو حتى الإعجاب تؤخذان بشكل جدي!
بعد المنتديات وانتشار «المدونات» الشخصية والعامة والمواقع الإخبارية والمتنوعة، بدأ معدل الإعجاب والمشاركات يظهر كعامل في تقييم المواد، مع ظهور شبكات التواصل الاجتماعي، وقبل ذلك التسويق الرقمي، أصبحت مرات الظهور تدخل بشكل أساسي في تقييم فعالية المادة المنشورة.
الآن ومع انتشار البث المباشر والتراسل الفوري بالفيديو عبر التطبيقات الهائلة والمتكاثرة، أصبحت المشاهدات هي المعيار الأساس للحسابات والمحتوى وقيمة المؤثر!
عدد من يشاهدون تغريدات بالفيديو، تحول آخر ملفت من خلال البث المباشر عبر أهم التطبيقات من الفيسبوك إلى انستغرام والسناب شات وحتى لينكد إن، واليوتيوب، حيث أصبح التراسل مباشراً بين المستخدم ومتابعيه، بشكل يظهر خصوصية أمام المستخدمين الآخرين، أي بين المستخدم/ المؤثر وجمهوره، كل على حدة!
قناة تلفزيونية لكل مستخدم تمكنه من بث ما يرغب ويجذب من الجمهور من يريد أو يستطيع، أصبح فعلياً لكل شخص قنواته التلفزيونية والتي ستندمج في النهاية في شخصية صاحب الحساب!
لقد أصبحنا أمام تنوع كبير جداً جداً في المحتوى لناحية نوعية المضمون، ولناحية صيغه الرقمية ومحسنات الجودة من فلاتر وتحريك للصور بكل الاتجاهات والألوان والتجميل!
طبعاً أضف إلى ذلك حجم المنتج المعلوماتي والترفيهي المتاح عالمياً والممكن ترجمته اليوم بسهولة من وإلى أي لغة يتعامل معها البشر!
حجم المواقع والتطبيقات والحسابات وما يبث من معلومات وأخبار وأحداث في المجالات كافة، عبر كل وسائل التواصل الاجتماعي والإعلامي، جعلت من التنوع الضخم في المحتوى لا يتيح وقتاً في التعمق بالأشياء، كذلك المستهلك مهما يكن نوعه ومجال اهتمامه لن يستطيع التعمق في كل شيء حوله كما كان سابقاً!
ولن يستطيع أحد مهما كانت درجة نباهته وثقافته الإمساك بكل شيء اليوم أو 10 % مما يحدث حوله مباشرة!
مجرد لمحات «سطحية»، من هنا وهناك، مشاهدات ربما. ومنافسة مستمرة في جذب انتباه أكبر عدد من المستخدمين والمتابعين بكل الطرق الممكنة، إنها ثقافة اللمس، بل واللمسة الواحدة.. والمشاهدة!