من أقسى المشاعر التي من الممكن للشخص أن يشعر بها هو «الخوف» وهو شعورٌ قويّ بالرهبة تجاه أمرٍ ما قد يواجهه، وقد يكون هذا الشعور واقعاً وحقيقيّاً أو عبارةً عن تهيّؤاتٍ أو خيال ويؤثر بشكل كبير على عقل الإنسان وجسده، ويمكن أن يستمر لمدة قصيرة أو يستمر لفترة أطول. ومن آثار الخوف أنه يعيق تقدّم الإنسان سواء في حياته الشخصيّة أو في علاقاته الاجتماعيّة أو حتى الوظيفية، فالخوف موجود لدى الإنسان في فطرته ومنذ ولادته وجميع الكائنات تشعر به وهو حالة طبيعية فسيولوجية، وجميع البشر معرّضين لأي من المتاعب والمواقف الصعبة........، قال تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأَمْوَالِ وَالأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ}، (155 سورة البقرة)، وعلم النفس يشير إلى حدوث ضرر أو أذى إلى العقل بسبب حالة من الكرب والتوتر الشديدين، وفي الطب تعني هذه الكلمة (جرحا) بسبب حادث أو بفعل عنف أي اعتداء أو جعل هذا الإنسان يفعل شيئًا بدون إرادته بالتماثل مع ذلك يسمى في علم النفس الهزة النفسية القوية الناتجة عن حالة صدمة نفسية بالجرح النفسي، وأنواع الخوف كثيرة وتختلف درجاته، فهناك الخوف الاجتماعي ويشعر به المصاب بالخوف من مقابلة الناس أو انتقادهم له بارتباك ورجفة في الأطراف وتلعثم أثناء التحدّث والخوف من الأماكن المتسعة بشعور حالة من التوتر الشديد والوساوس والقلق وفقدان التوازن وكذلك الخوف من الحيوانات ويظهر ذلك في مراحل عمريّة مبكرة جداً، والخوف من المرض ومن الأطباء والشعور بالوساوس بالإصابة بالأمراض... وأيضاً الخوف من الفشل أو من البرق والرعد، والأماكن المرتفعة ومن ركوب الطائرات والحوادث المرورية وغيرها...، وهناك بعضاً من الاستفسارات هل هناك فرق بين الخوف العادي والمرض النفسي؟.. الفرق بين الخوف العادي والمرض النفسي هو أمر نسبي.
فالخوف العادي: يعتبر نوعًا من الدفاعات النفسية المطلوبة، أي إن الإنسان يشعر بأنه خائف أو قلق إذا كان الموقف يتطلب هذا الخوف، بشرط أن لا يكون هذا الخوف معيقاً وأن يرفع من درجة يقظته وانتباهه وحسن أدائه لمواجهة الموقف.
المرض النفسي: عندما يصل إلى مرحلة الإعاقة ولا يكون الإنسان فعّالاً وتعطله هذه الأعراض ويفتقد من خلالها القدرة على القيام بواجباته الاجتماعية والعملية.
والسؤال الآخر: هل المقولة الشهيرة: «من خاف سلم» حقيقة؟:.. ليس في كل الأمور بل في بعضٍ من المواقف وتختلف من شخص لآخر، ومن يتصف بهذه الصفة يعتبر عند كثيراً من الناس أنه جبان وهي صفة سلبية لا يفضل أن تُعرف عنه، ويعتبر الخوف ذا فائدة عظيمة في وقاية الإنسان من المخاطر أو حمايته منها، فخوف الإنسان من العقاب والفشل يجبره على العمل بجد واجتهاد، وخوف الإنسان من المرض يجبره على أخذ اللقاحات، وخوف الإنسان من الحيوانات المفترسة والسامة يمنع من الاقتراب منها لكي لا يتأذى منها وغيرها...، ويختلف سلوك الأشخاص عند مواجهة مصدر الخوف تبعاً لشخصياتهم: فالبعض يسارع إلى الهرب ويتجنب المواجهة وما قد يقابله وهو تصرّف خاطئ!، أما البعض الآخر فيجابه مصدر الخوف ويحدد درجة الخطر ويتصرف على أساسها وهذا هو الحل الناجع، ويمكن علاج الخوف والقلق ومساعدة الشخص لنفسه بعدّة طرق وأساليب وذلك بمواجهة الشخص لمخاوفه الخاصّة وأن يقوم باستكشاف نفسه ومعرفتها ومعرفة المزيد عن مخاوفه والقلق الذي يشعر به ويعي جيداً للأسباب الرئيسية التي تدفعه للخوف بالاستعانة بالله الرؤوف الرحيم وكثرة الدعاء والاستغفار لكي يستطيع التخلّص من مخاوفه والتغلّب عليها، بممارسة الرياضة لفترات أفضل لمدة 30 - 40 دقيقة في اليوم الواحد ثلاث مرات في الأسبوع، فالرياضة تحتاج إلى بعض التركيز الأمر الذي قد يبعد أفكار الخوف والقلق عن ذهن المريض، وتناول غذاء متكامل للحصول على كميات كافية من البروتينات والكربوهيدرات والدهون والعناصر الغذائية المهمة والإخلال في الأكل يؤدي في النهاية إلى تحفيز شعور القلق، ومن الأطعمة التي ينصح بتناولها لتقليل القلق هي «الغنية بالحمض الدهني أوميجا 3» والتي تبيّن أنها قد تفيد في حالات الاكتئاب تناول كميات كافية من الفواكه والخضراوات وتجنّب تناول السكريات بكميات كبيرة، وتجنّب شرب كميات كبيرة من الشاي والقهوة، لأن مادة الكافيين تزيد من القلق، التركيز على المشاعر الجميلة التي قد يشعر بها الشخص عندما يرى شخصاً يحبّه، والتأمل في خلق الله والاستشعار بالسعادة لهطول المطر وباليوم المشمس، والتمتع بجمال الطبيعة، وزراعة أنواع من النباتات وتربية الحيوانات الأليفة وغيرها من المشاعر التي تعبّر عن الجمال والأفراح... قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي الْأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ ويُمْسِكُ السَّمَاء أَن تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ} (65 سورة الحج).