د. أحمد الفراج
يبذل الديمقراطيون في الكونجرس، وعلى رأسهم برني ساندرز في مجلس الشيوخ، وآدم شيف في مجلس النواب، كل جهد ممكن، ويتنادون للحصول على كامل تقرير المحقق مولر، وذلك لإعادة فحصه، عسى أن يجدوا فيه ما يمكن أن يسمح لهم ببدء إجراءات عزل ترمب، وكان وزير العدل، وليام بار، قد حذف أجزاء من التقرير، قبل نشره للعامة وتسليمه للكونجرس، لأنه يرى أن الاطلاع عليها من الممكن أن يؤثر على سير قضايا أخرى، لا تزال تحت النظر في المحاكم، وهذا يعني أن الديمقراطيين تناسوا كل إشاداتهم ببراعة المحقق مولر، الذي استغرق قرابة العامين يعمل بلا كلل، وبمساعدة عشرات المحامين المرموقين، وذلك لأنه لم يتمكن من إدانة ترمب، كما كانوا يأملون، بل إنني سأقول بثقة، ومن خلال متابعات دقيقة، أنهم كانوا واثقين من إدانة مولر لترمب، وكانوا فقط ينتظرون صدور التقرير.
الغريب في الأمر هو أن الديمقراطيين لم يثيروا دور الرئيس السابق، باراك أوباما، في التدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية، خصوصا وأنه قد ثبت، ومن خلال تقرير مولر ذاته، أن التدخل بدأ في عام 2014، ثم تطور في العامين التاليين، أي 2015 و2016، عندما كان أوباما هو رئيس الولايات المتحدة، والقائد الأعلى لقواتها المسلحة، وعندما كانت روسيا تمارس هذا العبث، اجتهد العاملون مع مستشارة الأمن القومي في عهد أوباما، سوزان رايس، وأعدوا تقارير وخططًا لمواجهة هذا التدخل، الذي يأتي من خصم أمريكا الأكبر، وبدلا من أن تأخذ سوزان رايس الأمر بجدية، وتعلن حالة الطوارئ الوطنية، وتحصل على موافقة الرئيس أوباما، لبدء العمل الجاد لوقف التدخل الروسي، نجد أنها وبتوجيهات من أوباما، خذلت العاملين معها، وأحبطت جهودهم، وقلّلت من شأن الأمر.
لنفترض جدلاً أنه كان هناك تواطؤًا من قبل ترمب وحملته الانتخابية مع روسيا، ثم لنسأل السؤال التالي: «لماذا لم يحثّ الرئيس أوباما كل الأجهزة الأمنية وأجهزة الاستخبارات على فضح هذا التواطؤ، الذي كان يحدث في عهده، خصوصًا وأن الخصومة بينه وبين ترمب شرسة جدا؟!»، فهل كان أوباما يحاول حماية ترمب مثلا؟!، وما ذكرته عن تخاذل مستشارة الأمن القومي في إدارة أوباما، سوزان رايس، حيال التدخل الروسي ليس من بنات أفكاري، ولا من تلفيقات أنصار ترمب المحافظين، فهو قد ورد في كتاب: «روليت روسيا»، وهو الكتاب، الذي بذل فيه المؤلفان، مايكل سكوف وديفيد كورن، جهدا بحثيّا جبّارا، وتوصّلا إلى نتائج مفاجئة وغير متوقعة، وهي ذات النتائج، التي أكدها تقرير مولر، وسنواصل الحديث!