ليس غريبا أن يكون المهندس شاعراً، فالشاعر: علي محمود طه كان مهندساً، ومثل الشاعرية بأجلى صورها وإبداعاتها، ولو لم يكن له سوى قصيدته المشهورة التي تغنى بها الموسيقار الكبير محمد بن عبدالوهاب عن فلسطين:
«أخي جاوز الظالمون المدى.. إلخ» لكفته شاعرية ووطنية وغيرة وحمية، وقس عليه مجموعة أخرى، اشتهرت بمواهب تختلف عن تخصصاتها هندسية كانت أم عسكرية أم طبية أم غيرها، فعلى سبيل المثال لا الحصر الشاعر جاسم الصحيح من السعودية يعمل مهندساً في شركة أرامكو ومع ذلك كان شاعراً مبدعاً على مستوى العالم العربي وصدرت له عدة دواوين شعرية، وشاعر جازان المبدع محمد إبراهيم يعقوب [فيزيائي]، واللواء الشاعر علي زين العابدين -رحمه الله- لقب بشاعر الجيش لشاعريته، واللواء عبدالقادر بن عبدالحي كمال واللواء محمد حسن العمري واللواء علي صالح الغامدي -رحمه الله- امتازوا جميعًا بشاعريتهم المتدفقة التي خدمت الوطن والدين والمجتمع، وكذلك الطبيب عصام خوقير -رحمه الله- أحد كبار كتاب الرواية في بلادنا، والطبيب عبدالرحمن العمري والطبيب حمود أبوطالب من كبار كتاب المقالة الاجتماعية لدينا، وغيرهم كُثر.
أجل فالموهبة - فطرة جُبل الإنسان عليها منذ بداياته الأولى، وليست حكراً على تخصص معين، إنها كالسحايب الماطرة يسوقها المولى جلّت قدرته على من يشاء من عباده فيتماشى معها عبر الزمن قلباً وقالباً؟
والأخ قينان جمعان الزهراني هو أحد ضباط الجيش، ومع ذلك أحب التاريخ كهواية منذ صغره وآخى بينها وبين تخصصه العسكري، وكوّن مكتبة خاصة أعانته على تنمية موهبته في علم التاريخ قديماً وحديثاً، قراءةً وبحثاً.
وركز في بحوثه التاريخية على تاريخ قبيلة (زهران) فكان من إصداراته وبحوثه عنها:
*دراسة شاملة عن قبيلة زهران صدر عام 1392هـ.
*بيت من زهران «صممه الدوسي» صدر عام 1421هـ.
*قبيلة من زهران «بني كنانة» صدر عام 1426هـ.
*بيت من زهران الجزء الثاني «أحمد بن فاران الدوسي» صدر عام 1436هـ.
والإصدار الخامس «من أعلام زهران» المعني في هذه الإطلالة صدر عام 1438هـ ويقع في [486] ص من القطع المتوسط نشر دار آسيا للنشر. وقد طبع على نفقة اللواء الدكتور (صالح بن فارس الخزمري الزهراني) تشجيعاً للمؤلف، وإسهاماً منه كواحد من أبناء القبيلة في نشر تاريخها وتراثها العريق، أسماءً وأمكنة، وهي بادرة وفاء منه نحو قبيلته، -ليت كل مستطيع وميسور يحذو حذوه- وللمؤلف لفتة كريمة تحسب له في مسيرته التاريخية تتمثل في إهداء كتابه إلى روح المؤلف والمؤرخ القدير الراحل الأستاذ علي بن صالح السلوك الزهراني -رحمه الله- مؤرخ منطقة الباحة سراة تهامة، نظير ما بذله من جهود تاريخية وبحثية تمثلها الكتب العديدة التي أصدرها في هذا الشأن.
وقد قسم المؤلف كتابه بعد المقدمات والمنهجية في التأليف إلى عدة فصول:
الفصل الأول: من إعلام زهران قبل الإسلام
الفصل الثاني: من إعلام زهران في صدر الإسلام
الفصل الثالث: من إعلام زهران في عصرها الحاضر
إضافة إلى بعض الصور والأماكن الأثريه والتاريخية، ورجالاتها.
والكتاب يمثل جهداً بحثياً وتاريخياً وموسوعياً لقبيلة زهران قديماً وحديثاً قام به المؤلف منفرداً رغم ضخامته وتعدد فصوله وغزارة معلوماته ويعتبر إثراءً للمكتبة التاريخية السعودية لا يستغنى عنه، يشكر عليه المؤلف وحري بالقراءة والاقتناء.
** **
علي بن خضران القرني - أديب وكاتب سعودي