قالت والسُّخريةُ تقطَعُ شوطاً عاشراً على شفتيها:
(كيفَ تريدُ فَتاةَ الأحلام ؟!)
فأجابها بهدوء:
(أحاولُ كثيراً أن أكونَ أنا فتى الأحلام
ولا تعنيني بعد ذلك فَتاة !)
كانَ ذلك الرِّوائي الأربعينيّ الملثَّمُ بأوجاعِه يَرى في جَلالِ السَّردِ كبرياءَ فَتاةٍ ممشوقةٍ مثل صارية !
وكانت أمجادُه الموعودةُ تطفو فوقَ دموعِه ثُمَّ ما تلبثُ
أن تتلاشى !
تَقفزُ اليَقَظةُ مِن فناجينِ قهوتِه وتَنصِبُ أرجوحتَها صَوبَ جَفنَيه
وكلَّما حاولَ أن يَكتُبَ كان لزاماً على الألغازِ أن تَترَبَّصَ بقارئ مُفتَرَضٍ فلا يمضي لغزٌ إلا تاركاً وراءه فَخًّا بين كلِّ سطرين !
حين استعادت السَّيِّدةُ الجامحةُ اتِّزانها بَعدَ أن صَفَعَها بإجابتِه
عن سُخريتِها السَّابقةِ أرادت أن تَسكبَ سُخريتَها في كوبٍ آخر بَعدَ أن جَرَحَتها الشَّظايا المتطايرةُ إثر الإجابةِ الأولى فقالت:
لماذا تحشرُ فُنونَ الكتابةِ في رُكنِ الألغازِ التي لا يفهمها سوى
كاتبها؟!
فقال لها:
لأنَّ كثيراً مِنَ الجراحِ لها روحٌ آدميَّة !
فهي لا تَظهَرُ للنِّاسِ إلا مُتَبرِّجَةً أو مُلثَّمَةً أمَّا وَجهها الصَّريحُ فهو مِن مُدَّخَراتِ الغَيب !
أهدَرَ الأربعينيُّ الحالمُ السَنواتِ الطِوالَ يَبحَثُ عن مَجدٍ يجذبُ له سَيِّدةً جميلةً تَفهَمُه أمَّا السَّيِّدةُ الجميلةُ التي أمامَه فكان حلمُها أن تحطِّمَ نرجسيَّةَ المبدعِ الغارقةَ في أعماقِهِ فلم يفيقا بَعدَ ذلك اللقاء إلا على فُتَاتِ أحلامهما.
** **
- فهد أبو حميد
Hssh7777@hotmail.com