نوف بنت عبدالله الحسين
تقتحمنا وسائل التواصل الاجتماعي في صور متكررة ومتشابهة من خلال الأكل والسفر والمكياج ومستحضرات التجميل والملابس والتخفيضات والعروض والمناسبات، وباتت العملية مستهلكة وأصبحت اللحظة الجميلة عبارة عن سلعة مطروحة لدى الجميع.
استهلاك للوقت وللصور وللمشاعر والأفكار والتوجهات بصور مبالغة، وكأن الحياة تنحصر في هذه الزاوية فقط!!
وصل الأمر إلى الملل الشديد فيما يقدم من محتوى فارغ، عبارة عن غرفة نوم وفنجان قهوة وتذاكر سفر وجناح طائرة ولبس جديد وصورة جديدة، تسرق لحظاتنا من أن نقرأ كتاباً أو نصل رحماً أو نقوم بعمل مفيد.
مزعج أن تتابع تفاصيل حياة الآخرين من خلال التطبيقات رغماً عنك، فبالرغم وجود الخيار لديك، لكنك تضطر إلى المتابعة وتضييع الوقت من باب الفضول والرغبة في الكشف عن ما يدور، ليصب السم في العسل، وتنتشر الإعلانات المقززة في تفاصيل مرعبة للفوز بابتسامة هوليوود أو النقر على آخر خلطة عطر أو تخفيض للمتابعين، أو هدايا السحب على الجوالات، أو اللعب على الذقون!.
ثم تنحدر بعض الحسابات إلى ما هو أسوأ وأكثر ألماً، حين تجعل الأم من أطفالها مروّجين لسلعة ما، مستغلين ملكاتهم في الاستفادة من هوس الشهرة، ليصبح الطموح الجديد للجيل المقبل، أن يكون مشهوراً..!!.
متى سيتوقف هذا العبث في عقولنا وبيوتنا، ومتى نعي مسؤولية هذه التطبيقات لنقدم محتوى يليق بالعقول؟.. هناك حسابات راقية، لا تكثر على المتابع، لكنها تقدم محتوى مفيداً وممتعاً، أفكاراً وحلولاً، حواراً وفكراً، أساليب مبتكرة إبداعية، وتغذية بصرية ممتعة، دون أن ترهقك بإعلان مستهلك أو ضوضاء فكري.
رسالتي لهؤلاء
وثّق اللحظة الجميلة وشاركها دون أن ترهق متابعيك بتفاصيلها، واحترم من يتابعك بتقديم شيء يضيف إليهم، شاركهم حواراً راقياً، قدّم كلمة جميلة، ولحظة حقيقية لا متصنّعة، وشارك في الوعي، اجعل منصتك داعمة لما فيه خير للناس، ولا تشارك في خداعهم، كن صاحب رسالة، لا صاحب ماركة، كن معطياً لا آخذاً، وتذكّر... الأثر الطيب هو أدوم وأبقى، وما دون ذلك إلى الزوال.
ختاماً...
للجيل الجديد.. أنتم أكثر وعياً من أن تنساقون خلف هذا الوهم، وأكثر جمالاً من فلاتر التصوير، وأكثر ذكاءً من شراء الكذب عبر منصاتهم، ولا تقارنوا بينكم وبينهم، غرف نومكم جميلة وبيوتكم بكم أنيقة، وفنجان قهوة مع والديكم وإخوتكم ألذ بكثير من صورة لقهوة بردت من جرّاء التقاط صورة احترافي!.