سلمان بن محمد العُمري
شهد سوق العمل في السنوات الأخيرة دخول المرأة السعودية العديد من مجالات العمل، ولاسيما في القطاع الخاص، وفي أعمال متعددة في الشركات والمؤسسات والأسواق والمطاعم، ومحال مختلفة. ومع حداثة هذه الأعمال ظهرت بعض الأخطاء والسلبيات من أرباب العمل، أو حتى من بعض العاملات؛ وهو ما استوجب أهمية قيام الجهات المختصة بالتشديد على أصحاب العمل بمراعاة الضوابط النظامية التي تمكِّن المرأة من عملها، وتحفظ كرامتها، ولتعزيز جاذبية بيئة العمل. وفي مقدمة هذه الجهات المسؤولة وزارة العمل والتنمية الاجتماعية التي شددت على جميع المؤسسات والشركات وجهات العمل بمراعاة ما يأتي:
- تجنُّب القيام بأي عمل من شأنه الضغط على حرية المرأة بما لا يتوافق مع نظام العمل والأنظمة المحلية.
- عدم التمييز في أجور العاملات عن العاملين في العمل ذي القيمة المتساوية.
- توفير مكان مخصَّص ومهيَّأ ولائق للعاملات لأداء الصلاة والاستراحة، وتوفير دورات مياه خاصة.
- توفير مقاعد للعاملات في أماكن العمل تأمينًا لاستراحتهن خلال ساعات العمل.
هذه بعض الضوابط التي شددت الوزارة على جهات العمل بمراعاتها، وهي ضوابط تُشكر عليها. وللحق، فإن بعض الجهات والمؤسسات أعطت أولويات في الوظائف للنساء على الرجال، وقُدّمن على الرغم من نقص الخبرات والمؤهلات، وتعدى الأمر من طلب مساواتهن إلى تفضيلهن في العمل متناسين خِلقتها التي فرَّقها الله عن الرجل. وكنا نتمنى من وزارة العمل والتنمية الاجتماعية أن يتطرقوا في ضوابطهم لنوعية الأنشطة التي تتناسب مع أنوثتها، وضرورة وجود العمل في منطقة مؤهلة بأمثالها لعدم فرض دوامها بمفردها في قسم داخلي مع عمال وموظفين، والحرص على أن يكون الإشراف على الأعمال النسائية من قبلهن.
إن مساواة المرأة بالرجل في العمل فيه إجحاف للمرأة، وقد يصل إلى ظلمها بتحميلها ما لا خُلقت من أجله؛ فالشارع فضَّلها على الرجل في مواضع أخرى؛ فالمساواة على الإطلاق جَوْر، وليس عدلاً. ولقد كان من عظيم حكمة الله أن يخلق الإنسان من ذكر وأنثى، وأن يودِع في كل منهما خصائصه المستقلة؛ فكيان المرأة النفسي والجسدي قد خلقه الله على هيئةٍ تُخالف تكوين الرجل؛ ليقوم كل واحد منهما بوظيفته في الحياة؛ فلا تداخُل ولا اختلال.. وهذا الاختلاف بين الجنسين والفوارق النفسية والجسدية بينهما ليست من أجل التصادم والشقاق، ولا التكبُّر والاستعلاء، وإنما من أجل السعي الرشيد في الحياة، والتكامل في الوظائف والمسؤوليات.
والمرأة كيان حافَظَ عليه الإسلام، ومخلوق له مكانته وقدره؛ فليست المرأة مادة لا تدبير لها كما عند البعض، أو أنها أصل الشرور والأخطاء ومنبع الخطيئة كما عند آخرين، أو أنها عار وشنار كما عند الجاهلين.. بل هي كائن لها شعور ومسؤوليات، ولها تصرف وتدبير، وكلاهما (هي والرجل) مصدر خير ونماء للمجتمع. وإذا كنا في هذا البلد المبارك قد حرصنا على تعليم المرأة وتثقيفها وتربيتها التربية الصحيحة الصالحة؛ لتشارك في البناء المتكامل القوي، فإن الخطوة الأخرى أن يتم تهيئة البيئة الصالحة للعمل وفق قدراتها وخصائصها، وقبل ذلك وفق الضوابط الشرعية والنظامية.
كما أتمنى قيام الوزارة بتخصيص رقم هاتفي دائم لتلقي شكاوى العاملات، ويتم التعامل الفوري، والتقصي لكل مشكلة ترد إليهم.