القاهرة - سجى عبدالله:
اختتمت أمس الأربعاء فعاليات النسخة الثامنة من ندوة «تحالف عاصفة الفكر» التي نظمها مركز عيس الثقافي بالتعاون مع تحالف مراكز البحوث العربية في مدينة شرم الشيخ بجمهورية مصر العربية بحضور جمال السويدي رئيس مجلس الأمناء ونائبه الشيخ خالد بن خليفة آل خليفة وبمشاركة نخبة من المفكرين والخبراء والباحثين والمتخصصين من مختلف الدول العربية وخلصت الندوة التي جاءت تحت عنوان «مستقبل التعليم والبحث العلمي في العالم العربي» إلى ثلاثة عشر توصية استهدفت تطوير التعليم في الوطن العربي بما يتسق مع متطلبات الثورة الصناعية الرابعة، وذلك من خلال تقديم أطروحات ورؤى غير تقليدية لواقع التعليم في الوطن العربي تضمنت تحليل موضوعي قائم على دراسات وإحصاءات مقارنة مع مختلف دول العالم المتقدم، للوصول إلى حلول قابلة للتطبيق تسهم في إخراج التعليم في الوطن العربي من أزمته من خلال التعاطي مع مكونات العملية التعليمية المختلفة، والحرص على تطويرها وصولا إلى الغاية المنشودة في جعل التعليم العالي والبحث العلمي قوة دافعة لتحقيق التنمية المستدامة في المنطقة العربية وحرص المشاركون على تهنئة مملكة البحرين على مرور مائة عام على التعليم النظامي، والإشادة بالتجربة البحرينية التي تعد أحد التجارب الرائدة في منطقة الخليج العربي وطالبوا بوضع مرئيات وتوصيات الندوة أمام الجهات المعنية بالتعليم من أجل العمل على الاستفادة منها حتى لا تبقى حبيسة الأدراج، مؤكدين أن المرحلة الراهنة لم تعد تحتمل التباطؤ في إحداث تغيير جذري في منظومة التعليم في العالم العربي، وتطوير التعليم النظامي وإشراك القطاع الخاص بفعالية في هذا الإطار مع الاهتمام بمنظومة التعليم العالي وتوجيه طاقاتها ناحية البحث العلمي المتصل مع احتياجات المجتمعات العربية، مع تأكيد أن الاستثمار الحقيقي في العالم العربي لابد أن يوجه إلى الاستثمار في الموارد البشرية للأجيال للوطن العربي وشددوا على ضرورة جعل خطة تطوير التعليم في أي دولة عربية لا تتغير بتغير الوزراء وذلك وفق رؤية إستراتيجية متكاملة وراسخة، مع التشديد على أن مسؤولية التعليم لا تقع على عاتق الحكومات وحدها، وضرورة المشاركة الفعالة للقطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني ودعوا إلى الدفع نحو مواكبة المؤسسات التعليمية في مختلف المراحل مع متطلبات العصر الرقمي والتقني من أجل تفعيل أفضل سبل التواصل بين مكونات العملية التعلمية، مع الحرص على تغيير منظومة التعليم القائمة على الحفظ والتلقين إلى الانتقال السريع نحو تنمية التفكير الإبداعي القائم على الاستنباط والتحليل والابتكار وتشجيع مبادرات بناء المدارس الذكية وحث المشاركون وزارات التربية والتعليم في العالم العربي على الاعتماد على نظم تربوية لا مركزية في إدارة القطاعات التعليمية المختلفة من خلال تأكيد أهمية الإدارة التشاركية والإدارة الإستراتيجية تحقيقا للجودة الشاملة في الأنظمة التعليمية. وأكدوا ضرورة الاهتمام بتعليم القيم التربوية التي تعمل على إعداد المواطن المتزن، وذلك من خلال تشجيع نظم التعليم التي تتولى مخاطبة الوجدان وتساعد في التعرف على قدرات ومهارات كل فرد بما يسهم في تعزيز مشاركته الإيجابية في بناء المجتمع وتنمية قيم الاعتماد على النفس، الاحترام، التواصل الفاعل، الحرية، العدالة وطالبوا بالعمل على تحديث المناهج ووضع برامج علمية جامعية قادرة على خلق مواطن عربي قادر على المنافسة في الاقتصاد العالمي من خلال ربط مخرجات التعليم باحتياجات سوق العمل العالمي، تطوير التعليم المدرسي وإقرار نظام «رخصة المعلم» والتي يتم من خلالها إجراء فحص وتقييم دوري للمعلمين نفسياً ومعرفياً ومهنياً والتأكد من قدراتهم المعرفية والتكنولوجية، باعتبار أن المعلم هو أحد أهم مكونات العملية التعليمية. وأكدوا ضرورة مضاعفة إنفاق الحكومات على البحث العلمي مع جعل الجامعات مركزاً للبحث العلمي وليست مركزاً للتدريس فقط، مع حث القطاع الخاص في العالم العربي على الاضطلاع بدوره ومسؤولياته تجاه مجتمعه من خلال المساهمة الفعالة في التعليم النظامي والتعليم العالي عبر توفير المنح البحثية وفرص التدريب للطلاب والخريجين وأشاروا إلى أهمية تعزيز دور الكفاءات العلمية والمراكز البحثية من خلال الاستفادة من رؤيتهم في اتخاذ القرارات التنموية المختلفة وذلك مع ضرورة تفعيل المخرجات البحثية وربطها بخطط التنمية المستدامة، والعمل على اجتذاب الكفاءات الوطنية المهاجرة في هذا الاطار والعمل على الاستفادة منها من خلال برامج البعثات الفعالة بهدف إعداد أجيال وطنية ذات كفاءة عالية. وطالبوا بتضمين مفاهيم المواطنة الرقمية والمواطنة العالمية المشتركة في مناهج وبرامج إعداد المعلمين ومناهج التعليم العام والجامعي، مع الدعوة إلى إنشاء صيغة مشتركة تحت لواء جامعة الدول العربية أو تحالف عاصفة الفكر لإيجاد جوانبحلول عملية للتعاطي مع متطلبات الثورة الصناعية الرابعة، إلى جانب المطالبة بوضع وتطوير مواثيق أخلاقية فيما يتعلق بمنتجات التقنية تصميماً وإنتاجاً وتسويقاً واستخداماً بما يتسق ومنظومة القيم المجتمعية للعالم العربي، هذا وقد تم عقد مجلس الأمناء وخلصوا إلى تغير اسم عاصفة الفكر إلى ملتقى الفكر.
ومن جانبه قال نائب رئيس مجلس أمناء مركز عيسى الثقافي المدير التنفيذي د. الشيخ خالد بن خليفة آل خليفة -في ختام أعمال الندوة - شهدنا خلال هذين اليومين تألقا واضحاً في مستوى المواضيع والأوراق والعروض التي طرحت حول موضوع النسخة الثامنة من ندوة تحالف عاصفة الفكر بعنوان «مستقبل التعليم والبحث العلمي في العالم العربي». فقد راعينا تنوع اختصاصات المتحدثين في الجلسات، تنوعا أعطى لنقاشاتنا ثراءً وتوسعا في فهم وإدراك حقيقة هاجس التعليم والبحث العلمي في عالمنا العربي.
وتابع: إذ إن هذا التنوع يأتي من حقيقة إيماننا بأن التعليم هو معادلة واسعة النطاقات والاختصاصات، ومخرجاتها تمس كل جوانب الحياة، وبذلك فإن وجود المفكر إلى جانب التربوي والأكاديمي والإعلامي والسياسي وغيرهم، بات أمراً في غاية الأهمية لرسم خارطة طريق جادة، نحو مستقبل أكثر قدرة على مواكبة ركب التقدم والتطور والازدهار المعرفي. وأعرب عن شكره للدكتور جمال السويدي رئيس مجلس أمناء مركز عيسى الثقافي على إصراره وعزيمته في أن يبقى هذا التحالف شعلة مضيئة في مسيرة دعم صناعة واتخاذ القرار العربي، والشكر موصول لأعضاء التحالف من مراكز وشخصيات لها أثرها في رفد واقعنا بمزيد من البحث والارتقاء والتجديد، ولن أنسى دور أخي اللواء خالد فودة محافظ محافظة جنوب سيناء على لطف تعامله وروحه الجميلة التي احتضنتنا هو وكافة منتسبي المحافظة، مما ترك لنا أثرا رائعا في نجاح انعقاد هذه الندوة.
وتضمنت جلسات أمس الختامية للندوة محورين الأول حول الثورة الصناعية الرابعة مسيرة تشكيل مستقبل علمي مشترك وأدار الجلسة الأمين العام لمنتدى الفكر العربي بالمملكة الأردنية الهاشمية د.محمد أبو حمور وتحدث فيها كلا من د. صالح المانع الأستاذ المتقاعد بحامعة الإمام محمد بن سعود بالمملكة العربية السعودية و د. عبدالحق عزوزي أستاذ أكاديمي بالمملكة المغربية.
أما الجلسة الثانية فقد تمحورت حول قضية «التعليم العالي والمدارس الذكية.. التحولات في منظومة القيم» وقد أدراها الباحث الأكاديمي بجامعة أبوظبي د. سلطان النعيمي، وتحدث فيها كلا من الرئيس التنفيذي لهيئة ضمان جودة التعليم والتدريب بمملكة البحرين د. جواهر المضحكي، وأستاذ تطوير النظم التربوية بكلية التربية بجامعة الملك سعود بالمملكة د. بدر بن عبدالله الصالح.