ماجدة السويِّح
هل نحن مع التغيير؟! هل المجتمع حقيقة يحتفي بالتغيير؟! وبالمتغير بعد طول جمود أو تشكيك بجدوى التغيير؟!
ربما هذه بعض من الأسئلة التي تدور في ذهني، وذهن البعض بعد جولة سريعة في المنصات الاجتماعية خصوصًا تويتر، الذي يشهد يوميًّا محاكم تفتيش لا تكل ولا تمل في تصيد المتغيرين والمتغيرات، رغم مناداتنا بالتغيير والثناء على من سلك طريقًا متغيرًا لبلوغ الفوائد الإيجابية من التغيير الفكري والمادي.
يوميا ربما يتناهى إلى سمعك وتصافح عينيك عبارات ومصفوفات عن فوائد التغيير، وصعوبة التغيير على مستوى الأفكار والممارسات، لكن بالمقابل المتغير قد لا يلقى الاحترام والتقدير والاعتراف بقدرته على التكيف والتغير، أو الصراع ليصل إلى تلك المرحلة من التجديد والمواكبة.
الواقع أن التغيير في بعض الحالات يعتبر وصمة في الشبكات الاجتماعية، التي توثق مراحلك وتاريخك، فتجد المبادر أو المنفتح على تقبل الأفكار الجديدة المستحدثة قد يكون أشد الناس في عدم تقبل المتغيرين، رغم مناداته بالتغيير!
من السهل على البعض معايرة الناس بماضيهم، بل من الصعب عليهم أيضا تقبل تغير المعارضين، والمتشككين، أو المحايدين.
الحقيقة أن الزعم بتأييد التغيير ينكشف أمام الممارسات السلبية، ضد من تبنى فكرًا جديدًا عن ماضيه الفكري أو ممارساته السابقة، من يتهكم على تقبل الناس لأمور كانوا يرون أنها ضد اعتقادهم وما يؤمنون به، هو في حقيقة الأمر لا يقبل بالتغيير وإن ادعى عكس ذلك، على سبيل المثال تغير قناعات العديد من النساء حول قيادة المرأة للسيارة هو تطور وتغير حميد، جاء بقوة القرار السياسي وخفوت الأصوات المهولة والمضادة لذلك القرار، كما جاء بعد تجربة حقيقية رأت فيها الممانعات أو المتشككات انهيار كل دليل وقف ضد هذا القرار في الماضي.
التغير في الأفكار والمعتقدات هو عملية تتطلب من البعض وقتا لرؤية الواقع دون تهويل أو مبالغة، والتأكد من إيجابية هذا القرار بعد التجربة، فهناك المبادرون وهناك التابعون وكلاهما يشكلان ثقلا هاما في عملية التغيير.
الملاحظ أن التعامل مع التغير وتبعاته أصبح يحتل قدرًا من التفكير بعد ظهور وظيفة جديدة فرضتها الشبكات الاجتماعية، وصراع التيارات بين المختلفين، حيث اعتاد البعض على التنقيب والتكرير عن آراء سابقة لمن أعلن التغيير، بل هناك من استفاد من هذه الوظيفة الجديدة في كسب الشهرة وجذب المتابعين، فالشهرة والحضور كانت ثمرة امتهانه التنقيب والتعريض لمن انتهج رأيا مخالفا، وفكرة قد لا تنسجم مع ما كان يؤمن به قديما، بل حتى المتغيرين المفصحين عن براءتهم من معتقدات وأفكار لازموها زمنًا، لم يسلموا من عملية البحث والتحري ونبش الفكر والرأي القديم.
للأسف المنقب في إرثك وتاريخك على الشبكات الاجتماعية يعتقد أن الإنسان كائن جامد غير قابل للتأثر والتفكر وتغيير قناعاته، فالعبرة عنده بالبدايات والتاريخ الأبدي، الذي لا يرحم ولا يقبل التغيير.
مهمة المنقب العودة للماضي وتحنيط الآراء مع أصحابها، حتى لو أعلنوا براءتهم منها بعد حين، فلا توبة تقبل ولا رأي متغير قابل للتفكر والتقبل في عقيدة المنقب.
تشمل المهام التي يقوم بها المحتسب المنقب تصوير الآراء السابقة، ومقارنتها بالحديثة، وخلق «هاشتاق» باسم الضحية المتغير، لمحاكمة الأفكار والآراء علانية، فالتغريدات والمشاركات «السوشلية» هي أشبه بصحيفة السوابق التي ربما تؤثر مستقبلاً على شعبيته وكذلك على صورته بفعل التنقيب.
وأخيرًا.. مرحبًا بالتغيير.. وكفانا الله وإياكم من «متلازمة التنقيب» وتربص المنقبين..