سليمان الجاسر الحربش
نقلت وكالة الأنباء السعودية خبر استضافة المملكة لقمة العشرين خلال الفترة 21 - 22 نوفمبر من عام 2020، ورحبت المملكة بهذه المناسبة الكبرى حيث يترأس خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان -حفظه الله- الاجتماع، «وتعد قمة العشرين تاريخية (كما جاء في خبر الوكالة)، فهي الأولى من نوعها على مستوى العالم العربي مما يعكس الدور المحوري للمملكة العربية السعودية على الصعيدين الإقليمي والدولي»، وتشكل دول مجموعة العشرين ثلثي سكان العالم كما تستحوذ على 85 % من حجم الاقتصاد العالمي، 75 %من التجارة العالمية.. وتعالج القمة شتى الموضوعات الاقتصادية والاجتماعية وشئون البيئة والطاقة وكل ما له علاقة بأهداف التنمية المستدامة السبعة عشر.
ويبدو من صياغة هذا الخبر أنه بداية لسلسلة من البيانات التنويرية بهدف جلب انتباه وحماسة المواطن العادي لهذه القمة وما تنطوي عليه من تجسيد للمكانة التي تتبوؤها المملكة بين دول العالم.. وأرجو أن تندرج هذه المقالة ضمن هذا المفهوم.
وللمزيد عن هذا المنتدى العالمي أحيل القارئ إلى المحاضرة (قيد الإفصاح) التي ألقاها معالي الدكتور فهد المبارك في جامعة الملك سعود في 27 فبراير من هذا العام وهو المسؤول عن الأعمال التحضيرية لهذه القمة، ووجود مثل هذا المسؤول وقبله معالي الدكتور حمد البازعي والأجهزة التي انتشرت في عدد من الوزارات ذات العلاقة دليل قاطع على القيمة الكبرى التي تعلقها المملكة على هذا الحدث الكبير.
أما المصدر الثاني لأعمال القمة وهو الذي اعتمدت عليه فهو البيان الختامي لأعمال القمة الثالثة عشر لعام 2018 التي استضافتها الأرجنتين. وقبل التطرق إلى ما يهمنا في هذا البيان أنوّه بأن المملكة واحدة من ست دول آسيوية تتمتع بعضوية هذه القمة، هذه الدول هي: الصين والهند وإندونيسيا واليابان وكوريا الجنوبية والمملكة، وإذا علمنا أن أحد القضايا التي تتصدى لها القمة هي أمن الطاقة أدركنا المكانة الخاصة التي تنفرد بها المملكة بين أعضاء المجموعة، صحيح أن سياسة المملكة راسخة في كل الأمور التي تعالجها القمة، لكن دورها في أمن الطاقة دور ريادي لا ينقصه سوى حملة إعلامية تواكبه.
نادت المملكة بتأمين الإمدادات البترولية وطبقته كجزء من إستراتيجيتها البترولية، بل وسياستها العليا قبل أن يبدأ المستهلكون بالتفكير به، ومن يلقي نظره موضوعية على أهداف أوبك التي تأسست أواخر عام 1960 يلاحظ أن معظمها ينصب على تأمين الإمدادات واستقرار السوق لصالح كل من المنتجين والمستهلكين، بل إن الهدف الرابع من أهداف المنظمة ينص صراحة على «تأمين الإمدادات للدول المستهلكة بشكل منتظم».
أما الهدف الخامس فإنه ينص على «تأمين عائد مجز على رؤوس الأموال المستثمرة في صناعة البترول» ومعروف أن معظم الاستثمارات تتم في مناطق الاستهلاك، ويلاحظ ما تتسم به هذه الأهداف من أصالة ومقدرة على الاستمرار فهي توازن بين مصلحة المنتجين والمستهلكين واستقرار السوق، بل وتقول ضمنا لمن يريد أن يحكم بالعدل أن أيّ خلل بين معادلة العرض والطلب يؤثر سلباً على أمن الإمدادات أو أمن الطاقة بشكل أشمل.
يلاحظ من ناحية أخرى أن هذه الأهداف لا تعكس فقط حجم المسئولية الدولية الملقاة على عاتق الدول الأعضاء خاصة القادرين على تحقيق هذه الأهداف وإنما -وهو المهم- الإحساس بهذه المسؤولية والرغبة في تحقيقها، وغني عن القول أنه لولا القرار السياسي الصادر من الرياض لما قامت أوبك، ولولا المملكة لما استمرت المنظمة على ما هي عليه.
لو عدنا إلى بيان القمة السابقة في بوينس آيرس لوجدناه يحتوى على 31 بنداً وعدة ملاحق تغطي كل ما نادت به أهداف التنمية المستدامة وكل ما يتعلق باستقرار الاقتصاد العالمي. لكنني أحيل القارئ إلى البنود 19 - 22 التي تعالج اتفاق باريس عن التغير المناخي (المادة 19 - 20) ثم المادة (21) وهي تؤكد انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من اتفاق باريس ثم المادة (22) التي تؤكد التزام القادة بتنفيذ الهدف السابع من أهداف التنمية المستدامة بكافة أطرافه وهي الطاقة للجميع، كفاءة استخدام الطاقة، زيادة حصة بدائل الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة.
وإذا أمعنا النظر في هذا البند فإن النقطة الجوهرية المحورية فيه هي «اجتثاث فقر الطاقة» أو
(The Eradication of Energy Poverty). هذا الهدف يعود أصلاً إلى المشروع الذي تقدمت به المملكة إلى قمة أوبك الثالثة التي استضافتها في نوفمبر 2007 قبل أن يصدر من الأمم المتحدة بأربع سنوات. وخلاصة القول أنه إذا كان البند الحادي والعشرين صادر من البيت الأبيض بكل ما يعنيه من خروج عن الإجماع الدولي فإن البند الثاني والعشرين بكل ما ينطوي عليه من شعور بالمسؤولية الدولية قد خرج من مدينة الرياض.
وللحديث بقايا،،،