د. عبدالرحمن الشلاش
المنطقة الرمادية في مسألة الإرهاب هي الجزء الواقع بين الأبيض والأسود.. بين المعارضة والتأييد.. بين الإدانة والموافقة.. بمعنى أدق بين أن تقول لا للإرهاب فتقف ضده في كل أنواعه وأشكاله أو تقول نعم فتنحاز له مؤيدًا ومصفقًا. المنطقة الرمادية تضم كل من يدعون الحياد والوقوف على نفس المسافة بين المجرمين والضحايا، في تلك المنطقة يقطن أشد الناس خطورة وهم من يجاهرون بالحياد لكن تنطوي سرائرهم على ميل عظيم وتعاطف كبير مع القتلة، بعضهم تكشفهم سلوكياتهم ومجالسهم الخاصة والبعض الآخر يطوي خبثه بقلبه وهؤلاء خطرهم أعظم.
إذا كان كل العقلاء يدينون أي نوع من الإرهاب في أي جزء من العالم فإن أي مواطن يحب بلاده بصدق سيقف بكل قواه الفكرية والبدنية والمادية إلى جانب وطنه الذي يعيش فوق ترابه ويستظل بسمائه ويأكل من خيراته.. وطنه الذي يشكل بالنسبة له بيته الكبير الذي لن يرضى بأن يدنس ترابه أو تنتهك أعراضه أو تتحول شوارعه وطرقاته إلى أنهار من الدماء الزكية الطاهرة. مجرد أن يفكر مواطن عاقل مدرك واع بحالات انفلات الأمن لا قدر الله وعواقبها الوخيمة التي سيلحقه الضرر منها قبل غيره وبكل جيرانه وأبناء بلده سيدين الإرهاب وسيشجب كل عملية قذرة موجهة لزعزعة الأمن والاستقرار بل وسيعمل كل ما في وسعه لمد يد العون والمساعدة لرجال الأمن لدحر العدوان وردع المفسدين.
قدر هذا الوطن العزيز مع الإرهاب ليس من اليوم بل يمتد لسنوات ماضية مع عصابة جهيمان ثم مع القاعدة، والحرب الإرهابية الحالية تشنها عصابات مجرمة لكن بصورة قذرة جديدة كما حدث يوم الأحد الماضي في الزلفي قبل أن يتمكن رجال الأمن الأبطال من دحر العدوان وقتل جميع الإرهابيين المجرمين.
إرهاب هؤلاء الخوارج لا يمكن القبول إزاءه إلا بالرفض والتنديد. أما من يتعاطف مع القتلة فهو واحد منهم شريك في الجرائم معهم ويجب محاسبته. قد نظن لحظة أن الإرهاب قد توقف قبل أن يظهر لنا فجأة عصابة جديدة من القتلة وقد يظهر غيرهم مستقبلا ما لم تجفف جميع المنابع العفنة التي تغذي هذا الفكر المنحرف المتطرف، وقطع الطريق على الخونة المفسدين ومن يناصرونهم في الخفاء ويظهرون في ساعة يظن الجميع أن لا وجود لهم.