د. جاسر الحربش
هذه الحلقة التكميلية تطرح تعليلاً مقارناً بين الغذاء الصحراوي والمستورد. الأبقار التي تحولنا إلى استهلاك ألبانها ومنتجاتها مستوردة من بيئات تختلف جذرياً عن الصحراء ومحجورة في حظائر مكيفة وتحصل على فحص طبي دوري وتطعيمات وتُنظف بالمياه والصابون يومياً. دون هذه العناية لو أصيبت بقرة واحدة بإنفلونزا البقر لهلكت كل أبقار الحظيرة. ألبان الأبقار جيدة لكنها تقل في ذلك عن ألبان الإبل، ومن ينكر ذلك عليه بالدراسات العلمية الأمريكية والهولندية. لحوم الأبقار ممتازة ولكنها أكثر دهوناً من لحوم الإبل.
ظاهرة أن الإبل هي الحامل الأول لفايروس كورونا يعود لقلة العناية المتخصصة بصحة البيئة الغذائية والبشرية التي تعيش فيها، ولو عاشت الأبقار في ظروف مماثلة لأعجفت ونفقت.
ماذا عن النخيل وأشجار الزيتون؟. الزيتونة شجرة مباركة تنتج كميات وافرة من الثمار التي تعطي زيتاً وأليافاً ومعادن وفيتامينات وبعض البروتينات، لكن علينا واجب مقارنة القيمة الغذائية، فالكيلوجرام الواحد من التمور فاكهة وحلوى وغذاء متكامل، قابل للتخزين والتجفيف والنقل في أقصى الظروف، وليس للزيتون من هذه الميزات سوى القليل. يستطيع الإنسان العيش أعماراً مديدة على التمور ولا يستطيع ذلك على الزيتون، لنقص السكريات اللازمة للطاقة والعمل والبروتينات اللازمة لبناء وتعويض الخلايا الجسدية. الجهاز الهضمي أصلاً لا يستطيع التعامل مع أكثر من عشر إلى عشرين حبة زيتون في وجبة واحدة. عندما يحذر الطبيب مريضه من استهلاك التمور وحليب الإبل للمصاب بمرض السكري فذلك لأن المريض مهووس بالأرز والنشويات والحلويات، وهذه ترفع السكر بالدم أكثر بمراحل من التمور وحليب الإبل، ولكن الإدمان على الغذاء الاجتماعي السائد يشبه الإدمان على المخدرات يصعب علاجه.
التلخيص النهائي: الشعوب الخليجية تمارس غباءً غذائياً غير مسبوق. الاستغناء جزئياً عن الأرز والنشويات الأخرى والحلويات لصالح التمور والقمح وحليب الإبل يخفض الإصابات والسكري إلى نسب متدنية. لحوم الإبل من أفضل اللحوم لصحة سكان الصحاري وعلى المكذب أن يجرب.