د. خيرية السقاف
هذا الطفل في قصيدة شاعر
في لوحة رسام ماهر
في شغف الأم، وفي عينيها ألق ظاهر
في غيبٍ موحٍ ببشائر
هذا الطفل من يتذكره؟!
البارحة كنت أمر قراءة تعنيني كثيراً لشاعر مكي له بصمته العميقة الهادئة
التي يتركها تتكلم، وهو في عميق ثقته بأنها ستصل بكل ذراتها لحيث يشاء لها من نُزلٍ، وكثير
من التقدير حين يتلقاها من يجذبه وهج معانيها، ويلفته ضوؤها الآتي من قلب شاعر ينبض بصفاء، وحدب، وعناية بالإنسان..
(فاروق بنجر، ف.ب) يذكر هذا الطفل، ولقد وجدته في معية كل سؤال في صدري، وحرفي عن غفوة السادرين بعيداً عن هذا الطفل، في معمعة الإكثار، وفوضى الضوضاء!
(فاروق بنجر) الشاعر المكي العميق الهادئ، الذي يبني دون جعجعة، ويشيد بلا غوغاء، ويُنزِل المعاني في منافاتها، ويرسم الدلالات بدقة مجازاتها، وكناياتها، ويعد السفن لأبعد مراميها، ويبحر بها في العميق، ويعلم أن لا موج يمضي دون أن يترك صداه، ويُريَ اتجاهَه، ويصل لوجهته، ولا سفن تبحر دون بوصلة، ووصول لمرفأ، وقد وصل، بلغ بهذا الطفل الذي نسأل من يذكره، ليجعله في بحر شعره قصيدة، وإن كانت «سيناريو لوجوه مختزلة»، ولتكون كلماتها بوصلات، وأبعادها آماداً، ومنازل إيحاء، ومجاديف تذكير..
قرأته يقول:
«قف بجوار الطفل
وضع قدَميه على أولىَ العتباتِ
ليصعد..
يصعد..
وإذا انتَقلَتْ عيناهُ
أضِئْ بيديكَ يديْه
وتلمَّسْ في شفتيهِ
بريق الكلماتْ
* * *
برقَ الضوء على حجرة درسٍ..
كان الأطفال يضيئون مقاعدهم
على سيماهم
ألقٌ
وحنان!
* * *
هذا الطفل الباهي
بين يديك
فتلطف.. وترفَّقْ!
علِّمهُ ليبصرَ نورَ الله
ويقرأ بسم الله
ويرسم:
أفقاً لغدٍ مشرق!
* * *
«خذ قلما أبيض
وارسم قلماً أخضر... ف.ب»
* * *
فاروق بنجر:
شكراً أنك لهذا الطفل تتذكّر!
شكراً أن جعلتني أتلفَّت في الفراغ
فأجد ما يضيء عتمة الغياب
فلتوقد لهذا الطفل القصيد
وتُشعل الألوان!
وتُحرّك الأشرعة!..
فهو «دنيا»، وهو «جنة»..