يُعد القطاع المالي من أهم القطاعات التي يُعتمد عليها كثيرًا بتقدم وازدهار اقتصاد الدول في العالم، ولاسيما عندما يكون التوجُّه الوطني مدعومًا بخطط وأهداف جادة وواضحة، كما هي المرحلة التي نعيشها في عصر رؤية المملكة 2030، وذلك بتوجيهات من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وبمتابعة وإشراف صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية - حفظهما الله -؛ إذ أطلق مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية اثني عشر برنامجًا تنفيذيًّا لتحقيق الرؤية، من أبرزها برنامج تطوير القطاع المالي 2020 الذي تضمن أحد أهم محاوره مبادرة التوجُّه نحو مجتمع غير نقدي من خلال تفعيل المدفوعات الرقمية؛ وذلك بهدف رفع نسبة التعاملات غير النقدية من 18 % في وضعها الحالي إلى 28 % بنهاية عام 2020؛ ليكون ذلك من المحفزات التقنية في القطاع المصرفي الذي من شأنه تحسين جودة الخدمات في القطاع المصرفي، وزيادة فاعليته، والمساهمة المباشرة في عمليات التمويل والاستثمار والادخار.
هذا، إضافة إلى فتح المجال لأتمتة العمليات المالية للشركات الصغيرة والمتوسطة بشكل أوسع عبر منظومة المدفوعات السعودية.
وبالنظر إلى الوضع الحالي فإنه بالإمكان المراهنة على نجاح تلك الخطط في القطاع المصرفي؛ إذ تمكنت مؤسسة النقد من تجاوز عدد من التحديات التي واجهتها، وخصوصًا المتعلقة بأتمتة العمليات البنكية، وذلك عبر الذراع التقنية للمؤسسة ممثلة بمنظومة المدفوعات السعودية التي تشمل أنظمة عدة، منها نظام مدى للمدفوعات ونظام سداد.
وتمكنت المؤسسة من تحقيق نجاحات باهرة خلال العقد الراهن؛ إذ تشير التقارير الصادرة من «سداد» إلى أنه تم من خلال النظام تسديد ما يقارب 23 مليون فاتورة، دُفعت عبر سداد في شهر يناير فقط من العام الجاري.
مستقبل شركات التقنية المالية والتشريعات
لا يخفى دور مؤسسة النقد الريادي والتشريعي والمهم للقطاع المصرفي، ومواكبتها التغيرات التقنية في القطاع المالي الذي يشهد تطورًا سريعًا، يستلزم تحركًا يوازيه من الأجهزة التنظيمية؛ لذا بادرت المؤسسة بإصدار التشريعات المطلوبة للسوق الجديدة، وذلك بمنح التراخيص لعدد من شركات التقنية المالية؛ لتسهم في تطوير القطاع المصرفي، وإحداث النقلة النوعية للتحول من التعاملات الورقية إلى التعاملات الرقمية خلال المدة المستهدفة حسب برنامج الرؤية، إضافة إلى التركيز على تأمين حلول دفع إلكترونية لقطاعات الأعمال الصغيرة والمتوسطة؛ إذ تمثل هذه الشركات ما يزيد على 85 % من إجمالي عدد الشركات التجارية بالمملكة، وذلك بحسب تقرير وزارة التجارة.
وتمكنت شركة البرامج المتألقة انطلاقًا من خبرتها الواسعة في أنظمة المدفوعات من الحصول على موافقة مؤسسة النقد للانضمام إلى البيئة التجريبية (SandBox) لرخص التقنية المالية، والحصول على رخصة المؤسسة «للحساب التجميعي لسداد»؛ لتصبح شركة البرامج المتألقة من ضمن الشركات السبع في المملكة المنضمة للبيئة التجريبية لشركات التقنية المالية (FinTech).
شركة البرامج المتألقة
تم تأسيس شركة البرامج المتألقة (BrightWare) مطلع العام 2010 بوصفها شركة وطنية متخصصة بأنظمة الربط التقني، وتحديدًا أنظمة المدفوعات الرقمية بالمملكة؛ فهي تعتبر من أولى الشركات التي تخصصت بهذا القطاع. واستطاعت الشركة خلال سنوات قصيرة تطوير ميزاتها التنافسية في هذا المجال؛ لتبرز بوصفها إحدى أهم الشركات التقنية المتخصصة في أنظمة الدفع، وتحديدًا نظام الربط مع سداد للمدفوعات؛ إذ قامت بتطوير عدد من تطبيقات المدفوعات الرقمية لربط المفوترين مع (نظام سداد) وقنوات دفع متعددة، منها (فيزا - مدى - حساب سداد)؛ لتسهل عملية دفع ومعالجة المستحقات من العملاء إلى أصحاب الأعمال بكل يسر وسهولة. وقد قامت الشركة بربط جهات عدة مع (نظام سداد) للمدفوعات، تنوعت بين شركات كبيرة وبنوك قيادية وقطاعات حكومية ومؤسسات وهيئات، إضافة إلى الخدمات التقنية التي تقوم بها شركة البرامج المتألقة من تطوير للبرمجيات وخدمات استشارية تقنية.
وتتويجًا لرحلة النجاح مع عملائها تمكنت الشركة من الحصول على ثقة مؤسسة النقد مؤخرًا بالحصول على الرخصة التجريبية لـ«الحساب التجميعي لسداد». ويستهدف الترخيص فئة الشركات المتوسطة والكبيرة العاملة في القطاع التعليمي والجامعي الأهلي؛ لذلك قامت الشركة بتطوير نظامها الأخير (رسوم)؛ إذ يعتبر نظام مدفوعات مركزيًّا مجهزًا بالخدمات والوسائل كافة التي تمكِّن صاحب المنشأة التعليمية من الإدارة والتحكم بجميع فواتير المنشأة. ويسهل (رسوم) عمليات تحصيل الرسوم من العملاء عن طريق نظام سداد، وهو ما تم الانتهاء من تطويره تقنيًّا، وجارٍ العمل الآن على المرحلة التجريبية مع عدد من العملاء كمرحلة أخيرة قبل إطلاقه بشكل رسمي قريبًا - بإذن الله -؛ إذ يندرج النظام ضمن مبادرة تفعيل المدفوعات الرقمية للتوجه نحو مجتمع غير نقدي، وهي جزء من برامج رؤية 2030 في تطوير القطاع المالي. وبطبيعة الحال يخضع لإشراف مؤسسة النقد العربي السعودي كجزء من البيئة التجريبية التشريعية.
وسيمكِّن (رسوم) المنشآت التعليمية والتدريبية من تحصيل مبالغها ورسومها الدراسية خلال 24 ساعة عبر نظام سداد عوضًا عن الطرق التقليدية الأخرى، مثل النقد أو الشيكات التي تستلزم الحضور الشخصي لدفع المبالغ المستحقة. وإضافة إلى ذلك سيمكِّن نظام رسوم أصحاب المنشآت من التحكم الكامل وإدارة المدفوعات المالية في نظام موحد، سهل الاستخدام، وآمن.