يوسف المحيميد
إنَّ أكثر ما يمنح الأشياء قوتها وشهرتها هو استدامتها، بل تجددها وتطورها، وهي ما يجعل منها منجزًا لافتًا. وهذا ما تشهده الثقافة في ملتقى القاهرة للإبداع الروائي في دورته السابعة التي تقام خلال هذا الأسبوع تحت عنوان (دورة الطيب صالح)، بحضور عدد متزايد كل دورة عن الأخرى، حتى بلغ أكثر من مئتي روائي وناقد عربي.
وقد يتساءل القارئ عن فكرة هذا الملتقى، من أين جاءت؟ ولماذا جاءت أصلاً؟ مع أنه ليس بالضرورة أن يكون لكل حدث سبب في وجوده، لكن ملتقى القاهرة للإبداع الروائي جاء نتيجة عصف أفكار لتكريم الراحل نجيب محفوظ بعد مرور عشر سنوات على رحيله، وذلك في عام 1998، وذلك بالدورة الأولى التي نال جائزتها الروائي الراحل عبدالرحمن منيف.
ومن الأجمل أن نجيب محفوظ في كلمته بالملتقى في دورته الأولى، التي ألقاها محمد سلماوي بالنيابة، طالب فيها بأن يُخصص أيضًا مؤتمر آخر للشعر، ومن ثم، وبعد سنوات عدة، جاءت فكرة إقامة ملتقى للقصة القصيرة، وذلك بالتناوب بين هذه الأجناس الأدبية الثلاثة.
ولا شك أن هذه الملتقيات تجذب مئات المبدعين والنقاد العرب، وتدور بينهم حوارات جادة حول همومهم في الكتابة، سواء في الندوات والورش والشهادات، أو في اللقاءات الجانبية، فضلاً عن معرض كتاب مصغر على هامش هذه الملتقيات، والحوارات الإعلامية التي تُجرى معهم.
كل هذا الجهد ما لم يضمن استدامته على مدى عقود من السنوات لا قيمة له. وهذا ما يسعى له هذا الملتقى بالرغم من تغيُّر أمين المجلس الأعلى للثقافة مرات عدة، وتغير وزير الثقافة المصري أكثر من مرة، لكن العمل المؤسسي يبقى مستمرًّا ومتجددًا بعيدًا عن الأشخاص وتداول المناصب، وهذا ما يجب أن تكون عليه الثقافة العربية.